مجَازًا] ، وعلامة أُخْرَى لَهَا هِيَ أَن الْحَقِيقَة مَا يفهم السَّامع مَعْنَاهَا من غير قرينَة
الْحَقِيقَة: [هِيَ إِمَّا (فعيل) بِمَعْنى فَاعل من (حق الشَّيْء) إِذا ثَبت، وَمِنْه (الحاقة) لِأَنَّهَا ثَابِتَة كائنة لَا محَالة وَإِمَّا بِمَعْنى (مفعول) من (حققت الشَّيْء) إِذا أثْبته فَيكون مَعْنَاهَا الثَّابِتَة والمثبتة فِي موضعهَا الْأَصْلِيّ، وَالتَّاء للتأنيث فِي الْوَجْه الأول، ولنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الاسمية فِي الثَّانِي كَمَا فِي (نطيحة) و (أكيلة) لِأَن (فعيلا) بِمَعْنى الْمَفْعُول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَقَالَ صَاحب " الْمِفْتَاح ": إِنَّهَا للتأنيث فِي الْوَجْهَيْنِ: لِأَنَّهُ صفة غير جَارِيَة على موصوفها وَالتَّقْدِير كلمة حَقِيقِيَّة، وَإِنَّمَا يَسْتَوِي الْمُذكر والمؤنث فِي (فعيل) بِمَعْنى مفعول إِذا كَانَ جَارِيا على موصوفه نَحْو: (رجل) قَتِيل) و (امْرَأَة قَتِيل) وَإِلَّا فالتأنيث وَاجِب دفعا للالتباس نَحْو: (مَرَرْت بقتيل بني فلَان) و (قتيلة بني فلَان) ، و (فعيل) بِمَعْنى فَاعل يذكر وَيُؤَنث سَوَاء أجري على موصوفه أَو لَا نَحْو: (رجل ظريف) و (امْرَأَة ظريفة)
و] حَقِيقَة الشَّيْء: كَمَاله الْخَاص بِهِ يُقَال: حَقِيقَة الله وَلَا يُقَال: مَاهِيَّة الله لإيهامها معنى التجانس
وَفِي اصْطِلَاح الميزانيين: حَقِيقَة الشَّيْء المحمولة ب (هُوَ) ذَات الشَّيْء كالحيوان النَّاطِق للْإنْسَان
وَأما ذاتيته وَهِي الحيوانية، والناطقية فتسمى مَاهِيَّة فَاعْتبر مثل هَذَا فِي الْوُجُود فَإِنَّهُ نفس الْمَاهِيّة، وَوُجُود الْإِنْسَان هُوَ نفس كَونه حَيَوَانا ناطقا فِي الْخَارِج
وَقد تطلق الْحَقِيقَة وَيُرَاد بهَا مَا يُقَال فِي جَوَاب السُّؤَال بِمَا هُوَ، وَهُوَ حَقِيقَة نوعية إِن كَانَ السُّؤَال عَن جزئيات النَّوْع بالاشتراك فَقَط، وَحَقِيقَة شخصية إِن كَانَ السُّؤَال بالخصوصية، كالحيوان النَّاطِق مَعَ التشخص فِي الثَّانِي، وبدونه فِي الأول، فَلَا يَصح أَن تقع الْحَقِيقَة النوعية جَوَابا عَن السُّؤَال ب (مَا هُوَ) إِذا أفرد بعض الجزئيات بِالذكر، لعدم الْمُطَابقَة بَينهمَا
وَقد تطلق الْحَقِيقَة وَيُرَاد بهَا مَا يكون مَعْرفَتهَا غنية عَن الِاكْتِسَاب، وَهِي الَّتِي يكون مَعْرفَتهَا حَاصِلَة عِنْد الْإِنْسَان من غير كسب وَطلب مِنْهُ، فَلَا يُمكن تَعْرِيفهَا، لِأَنَّهُ لَو أمكن لَكَانَ بِأُمُور هِيَ أظهر وَأعرف مِنْهَا، وَلَا يُوجد شَيْء أعرف وَأظْهر من المحسوسات
والحقيقة الَّتِي يبْحَث عَنْهَا أهل الْحِكْمَة هِيَ الْأَحْوَال الثَّابِتَة للأشياء فِي نَفسهَا، مَعَ قطع النّظر عَن جعل جَاعل وَاعْتِبَار مُعْتَبر وَهَذِه الْحَقِيقَة لَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا إِلَّا بِالْعلمِ وَالْيَقِين، بِخِلَاف الاعتبارية الَّتِي هِيَ المباحث المنوطة بالجعل وَالِاعْتِبَار، كالمباحث الشَّرْعِيَّة والعرفية، فَإِن الظَّن يعْتَبر فِيهَا عدم الْوُصُول إِلَى الْيَقِين
وَلَفْظَة الْحَقِيقَة مجَاز فِي مَعْنَاهَا، فَإِنَّهَا (فعلية) مَأْخُوذَة من الْحق، وَالْحق بِحَسب اللُّغَة: الثَّابِت، لِأَنَّهُ نقيض الْبَاطِل الْمَعْدُوم، و (الفعيل) الْمُشْتَقّ من الْحق إِن كَانَ بِمَعْنى الْفَاعِل كَانَ مَعْنَاهُ الثَّابِت، وَإِن كَانَ بِمَعْنى الْمَفْعُول كَانَ مَعْنَاهُ الْمُثبت، نقل من الْأَمر الَّذِي لَهُ ثبات إِلَى العقد المطابق للْوَاقِع، لِأَنَّهُ أولى بالوجود من العقد غير المطابق، ثمَّ نقل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute