للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَذَا الذَّات، مَعَ أَنَّهُمَا يصدقان فِي اللُّغَة على مَا يقوم بِنَفسِهِ، فَتكون الْإِضَافَة فِي ذَات الله من بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه: بدن الرجل وَكَذَا نفس الله، فَلَا حَاجَة إِلَى اعْتِبَار المشاكلة فِي قَوْله تَعَالَى: {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} بعد وُرُود الشَّرْع

وَالْكَلَام فِي إِطْلَاق الْأَسَامِي الَّتِي لم ترد فِي الشَّرْع لَا فِي تَعْبِير الصِّفَات بهَا وَهُوَ ضَرُورِيّ ثمَّ إِنَّه يجوز إِطْلَاق اسْم الشَّيْء وَالْمَوْجُود والذات بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية للحق تَعَالَى، وَلَا يجوز إِطْلَاق اسْم النُّور وَالْوَجْه وَالْيَد وَالْعين وَالْجنب وَالنَّفس بِالْفَارِسِيَّةِ من غير التَّأْوِيل لِأَنَّهَا من المتشابهات بِخِلَاف الأولى وَيجوز إِطْلَاق بعض الْأَلْفَاظ مُضَافَة، وَلَا يجوز بِدُونِ الْإِضَافَة كَقَوْلِه: رفيع الدَّرَجَات وقاضي الْحَاجَات

وَلَا يُضَاف الشَّيْء إِلَى الله، فَلَا يُقَال شَيْء الله، لِأَنَّهُ بِمَعْنى الشائي فِي حَقه تَعَالَى، وَاسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لَا يُضَاف إِلَى موصوفه، بِخِلَاف قَوْلنَا: صفة الله، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة علم الله، فَهُوَ من بَاب إِضَافَة التَّخْصِيص، وَالْمُخْتَار فِي ذَات الله عدم انحلاله إِلَى الْمَاهِيّة الْكُلية وَالتَّعْيِين، بل هُوَ مُتَعَيّن بِذَاتِهِ، وَالْمَوْجُود حَقِيقَة هُوَ الذَّات المتصفة بِالْقُدْرَةِ والإرادة وَالْعلم والحياة، فَجَمِيع الصِّفَات الْمُتَعَلّقَة مصححة بِحُصُول الْآثَار من الذَّات كل بِحَسبِهِ.

قَالَ الْمَنَاوِيّ: الذَّات الْعلية هِيَ الْحَقِيقَة الْعُظْمَى وَالْعين القيومية المستلزمة لكل سبوحية قدوسية فِي كل جلال وجمال استلزاما لَا يقبل الانفكاك الْبَتَّةَ

[فسبحان من جلّ ذَاته المقدسة عَمَّا يحول بِهِ الوسواس، وَعظم عَمَّا تتكيفه الْحَواس، وَكبر عَمَّا يحكم بِهِ الْقيَاس، لَا يصوره خيال وَلَا يشاكله مِثَال وَلَا ينوبه زَوَال وَلَا يشوبه انْتِقَال وَلَا يلْحقهُ فكر وَلَا يحصره ذكر]

وَذَات يَوْم: من قبيل إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى اسْمه، أَي مُدَّة مصاحبة هَذَا الِاسْم وَنَظِيره: خرجت ذَات مرّة وَذَات لَيْلَة يُقَال: لاقيته ذَات يَوْم وَذَات لَيْلَة وَذَات مرّة وَذَات غَدَاة، وَلم يَقُولُوا ذَات شهر وَلَا ذَات سنة، وَيُقَال: ذَا غبوق وَذَا صبوح بِغَيْر تَاء فِي هذَيْن الحرفين

وَفِي حَوَاشِي " الْمِفْتَاح ": ذَات مرّة مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة، صفة لزمان مَحْذُوف تَقْدِيره: زمَان ذَات مرّة وَقد يُضَاف إِلَى مُذَكّر ومؤنث، وَفِي " الْكَشَّاف ": الذَّات مقحمة تزيينا للْكَلَام وَالْحق أَنه من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص كَمَا فِي بعض حَوَاشِي " الْمِفْتَاح "

وكلمته فَمَا رد عَليّ ذَات شفة: أَي كلمة

{عليم بِذَات الصُّدُور} : أَي بواطنها وخفاياها

{وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} : أَي حَقِيقَة وصلكم أَو الْحَالة الَّتِي بَيْنكُم

{وَذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} : أَي جِهَته

وَيُقَال: قلت ذَات يَده: أَي مَا ملكت يَدَاهُ

وعرفه من ذَات نَفسه: يَعْنِي سَرِيرَته المضمرة

الذِّهْن: القابلية والفهم والإدراك

<<  <   >  >>