للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسِخ والمنسوخ، وَالْأَمر وَالنَّهْي، والوعد والوعيد، وَمَا يمْتَنع عَلَيْهِ هُوَ مَا يَدْعُو فِيهِ أحد الشَّيْئَيْنِ إِلَى خلاف الآخر وَمَا يُوهم الِاخْتِلَاف والتناقض

وَلَيْسَ كَذَلِك كنفي الْمَسْأَلَة يَوْم الْقِيَامَة وإثباتها وكتمان الْمُشْركين حَالهم وإفشائها، وَخلق الأَرْض وَالسَّمَاء بِدَلِيل قَوْله: {الَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى قَوْله: {وَقدر فِيهَا أقواتها فِي أَرْبَعَة أَيَّام} وَلَوْلَا ذَلِك لكَانَتْ أَيَّام التخليق ثَمَانِيَة، مَعَ أَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام

وَنَظِير هَذَا حَدِيث " من صلى على جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط وَمن تبعها فَلهُ قيراطان " وَالْمرَاد بهما: الأول وَآخر مَعَه، بِدَلِيل {مثنى وَثَلَاث وَربَاع}

وَنَظِير هَذَا: " من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ نصف اللَّيْل، وَمن صلى الْفجْر بِجَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْل كُله " وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي " جَامع التِّرْمِذِيّ أَيهمَا تقدم "

والإتيان بِحرف (كَانَ) الدَّالَّة على الْمُضِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ الله} مَعَ أَن الصِّيغَة لَازِمَة، وَقد أجَاب عَنهُ ابْن عَبَّاس بِأَن نفي الْمَسْأَلَة فِيمَا قبل النفخة الثَّانِيَة وإثباتها فِيمَا بعد ذَلِك والكتمان بألسنتهم فَتَنْطِق جوارحهم وَبَدَأَ خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ غير مدحوة، فخلق السَّمَاوَات فسواهن فِي يَوْمَيْنِ ثمَّ دحا الأَرْض وَجعل مَا فِيهَا فِي يَوْمَيْنِ، تِلْكَ أَرْبَعَة أَيَّام للْأَرْض، فتم خلقهَا فِي سِتَّة أَيَّام

و (كَانَ) وَإِن كَانَت للماضي، لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِم الِانْقِطَاع، بل المُرَاد أَنه لم يزل كَذَلِك

وَالِاخْتِلَاف فِي الْأُصُول ضلال، وَفِي الآراء والحروب حرَام وَالِاخْتِلَاف فِي الْفُرُوع هُوَ كالاختلاف فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَنَحْوهمَا؛ والاتفاق فِيهِ خير قطعا وَلَكِن هَل يُقَال إِن الِاخْتِلَاف فِيهِ ظلال؟ كالأولين فِيهِ خلاف

وَالِاخْتِلَاف: هُوَ أَن يكون الطَّرِيق مُخْتَلفا وَالْمَقْصُود وَاحِدًا

وَالْخلاف: هُوَ أَن يكون كِلَاهُمَا مُخْتَلفا

وَالِاخْتِلَاف: مَا يسْتَند إِلَى دَلِيل

وَالْخلاف: مَا لَا يسْتَند إِلَى دَلِيل وَالِاخْتِلَاف من آثَار الرَّحْمَة، كَمَا فِي الحَدِيث الْمَشْهُور وَالْمرَاد فِيهِ الِاجْتِهَاد لَا اخْتِلَاف النَّاس فِي الهمم بِدَلِيل " أمتِي "

وَالْخلاف من آثَار الْبِدْعَة [وَفسّر الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر حَدِيث: " سَأَلت رَبِّي فِيمَا يخْتَلف فِيهِ أَصْحَابِي من بعدِي فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيّ أَن يَا مُحَمَّد إِن أَصْحَابك عِنْدِي بِمَنْزِلَة النُّجُوم بَعْضهَا أَضْوَأ من بعض فَمن أَخذ بِشَيْء مِمَّا هم عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدِي على الْهدى " رَوَاهُ سعيد بن الْمسيب عَن سيدنَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله تعلى عَنْهُمَا بِأَن من تمسك بِطَاعَة الْأُمَرَاء إِلَّا فِي الْمعْصِيَة، وباتباع الْعلمَاء إِلَّا فِي الزلة والبدعة وَلُزُوم الْجَمَاعَة وَالْجمعَات إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة، فَهُوَ فِي الْفُرُوع من أهل الْخلاف وَالرَّحْمَة، وَمن ترك شَيْئا مِنْهَا فَهُوَ من أهل الْخلاف والبدعة، فالاختلاف من آثَار الرَّحْمَة، وَالْخلاف من آثَار الْبِدْعَة] وَلَو حكم القَاضِي بِالْخِلَافِ وَرفع لغيره يجوز فَسخه، بِخِلَاف الِاخْتِلَاف، فَإِن الْخلاف هُوَ مَا وَقع فِي

<<  <   >  >>