الِاسْم فِي الْمُشْتَرك، وَبِالْعَكْسِ فِي المترادف يُوجب الْمُغَايرَة، لَا سِيمَا أَن الِاسْم أصوات مقطعَة وصنعت لتعريف المسميات، وَتلك الْأَصْوَات أغراض غير بَاقِيَة، والمسمى قد يكون بَاقِيا، بل يكون وَاجِب الْوُجُود لذاته
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: " قد يكون الِاسْم عين الْمُسَمّى نَحْو (الله) فَإِنَّهُ علم للذات من غير اعْتِبَار معنى فِيهِ، وَقد يكون غَيره نَحْو: الْخَالِق والرازق مِمَّا يدل على نِسْبَة إِلَى غَيره، وَلَا شكّ أَنه غَيره، وَقد يكون لَا هُوَ وَلَا غَيره، كالعليم وَالْقَدِيم مِمَّا يدل على صفة حَقِيقِيَّة قَائِمَة بِذَاتِهِ " انْتهى لَكِن إِطْلَاق الِاسْم بِمَعْنى الصّفة على مَا مَدْلُوله مُجَرّد للذات بِلَا معنى زَائِد مَحل نظر؛ فَإِن قيل: لَو كَانَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لاستقام أَن يُقَال: إِن الله اسْم، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَن الله مُسَمّى، واستقام أَن يُقَال بِأَنَّهُ [عبد] اسْم الله، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَنَّهُ عبد الله قُلْنَا: السَّبِيل فِي مثله التَّوْقِيف وَلم يرد التَّوْقِيف بِأَن اسْم الله هُوَ الله، وَلَا بِأَن (عبد اسْم الله) عبد الله كَذَا فِي " الْكَافِي "
والمحكي عَن الْمُعْتَزلَة أَن الِاسْم غير الْمُسَمّى، وَلَفظ الِاسْم فِي قَوْله تَعَالَى: {سبح اسْم رَبك} و {تبَارك اسْم رَبك} مقحم؛ وَلنَا أَن تِلْكَ الْآيَة دَلِيل على أَنَّهُمَا وَاحِد، إِذْ لَو كَانَ الِاسْم غير الْمُسَمّى لَكَانَ أمرا بالتسبيح لغير الله؛ وعَلى هَذَا إِذا قَالَ: (زَيْنَب طَالِق) وَاسم امْرَأَته زَيْنَب يَقع على ذَات الْمَرْأَة لَا على اسْمهَا، وَإِذا اسْتعْمل بِمَعْنى التَّسْمِيَة يكون غير الْمُسَمّى لَا محَالة؛ فجواب (مَا اسْمك) زيد لِأَن (مَا) لغير الْعُقَلَاء، وَجَوَاب (من زيد) ؟ أَنا، بِالْإِضَافَة إِلَى الذَّات؛ وَفِي الْجُمْلَة: الِاسْم هُوَ مَدْلُول اللَّفْظ لَا اللَّفْظ؛ يُقَال زيد هَذَا الشَّخْص، وَزيد جَاءَ؛ وَلَو كَانَ هُوَ اللَّفْظ لما صَحَّ الْإِسْنَاد، فَعلم أَنه عين الْمُسَمّى خَارِجا لَا مفهوما، وَأما اللَّفْظ الْحَاصِل بالتكلم وَهُوَ الْحُرُوف المركبة تركبا مَخْصُوصًا فيسمى بِالتَّسْمِيَةِ
ثمَّ اعْلَم أَن الِاسْم إِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة من غير مُلَاحظَة معنى من الْمعَانِي مَعهَا مثل (الْإِبِل وَالْفرس) ، وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة بِاعْتِبَار صدق معنى مَا عَلَيْهَا، فيلاحظ الْوَاضِع تِلْكَ الذَّات بِاعْتِبَار صدق ذَلِك الْمَعْنى عَلَيْهَا، ثمَّ يوضع الِاسْم بِإِزَاءِ تِلْكَ الذَّات فَقَط خَارِجا عَنْهَا ذَلِك الْمَعْنى، أَو بِإِزَاءِ الذَّات المتصفة بذلك الْمَعْنى دَاخِلا ذَلِك الْمَعْنى فِي الْمَوْضُوع لَهُ فَيكون الْمَعْنى سَببا باعثا للوضع فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ، مَعَ أَنه خَارج فِي الصُّورَة الأولى دَاخل فِي الثَّانِيَة وكل من هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة اسْم يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ، إِذْ مَدْلُوله الذَّات الْمعينَة الْقَائِمَة بِنَفسِهَا ممتنعة الْقيام بغَيْرهَا حَتَّى يُوصف بهَا الْغَيْر؛ وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُبْهمَة يقوم بهَا معنى معِين على أَن يكون قيام ذَلِك الْمَعْنى بأية ذَات كَانَت من الذوات مصححا للاطلاق فَهَذَا الْقسم هُوَ الصّفة إِذْ مَدْلُوله قَائِم بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ، لِأَنَّهُ مركب من مَفْهُوم الذَّات المبهمة وَالْمعْنَى، وَقيام الْمَعْنى بِغَيْرِهِ ظَاهر، وَكَذَا الذَّات المبهمة معنى من الْمعَانِي، إِذْ لَا اسْتِقْلَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute