للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمولى للَّذي تزوج أمته على مائَة بِغَيْر إِذن مِنْهُ: لَا أُجِيز وَلَكِن زِدْنِي خمسين فِي الصَدَاق، بَطل العقد لِأَن قَوْله: وَلَكِن زِدْنِي، مُقَرر لنفي العقد، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُجِيز وَسكت ثمَّ قَالَ: زِدْنِي

وَكلمَة (لَكِن) للاستئناف، وَإِذا كَانَ كَذَا يكون ردا، بِخِلَاف قَول الْمقر لَهُ فِيمَا إِذا قيل لَهُ: (لَك عَليّ ألف قرضا) لَا وَلَكِن من غصب حَيْثُ لَا يرْتَد الْإِقْرَار لِأَن ثمَّة نفي جِهَة الدّين، وَهنا نفى الْمولى أصل الْإِجَازَة

[وَفِي " الْجَامِع ": رجل فِي يَده عبد فَأقر بِهِ لإِنْسَان فَقَالَ الْمقر لَهُ: مَا كَانَ لي قطّ لَكِن لفُلَان، فَإِن وصل كَلَامه فَهُوَ للْمقر لَهُ الثَّانِي، وَإِن فصل فَهُوَ للْمقر]

وأصل {لَكنا هُوَ الله} {لَكِن أَنا} حذفت الْألف فالتقت نونان، فجَاء التَّشْدِيد لذَلِك، وَيُسمى هَذَا الْحَذف بالحذف الاعتباطي أَي: الَّذِي لغير مُوجب

لَعَلَّ: هِيَ مَوْضُوعَة لإنشاء توقع أَمر إِمَّا مَرْغُوب لَا وثوق بحصوله، وَمن ثمَّة لَا يُقَال: لَعَلَّ الشَّمْس تطلع، وَلَعَلَّ الشَّمْس تغرب أَو مرهوب كَذَلِك

وَالْأول يُسمى ترجيا نَحْو: {لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس}

وَالثَّانِي يُسمى إشفاقا نَحْو: (لَعَلَّ الحبيب يلبس النِّعَال وَيقطع الْوِصَال)

وكل وَاحِد مِنْهُمَا يكون تَارَة من الْمُتَكَلّم وَهُوَ الأَصْل نَحْو: (لَعَلَّك تُعْطِينِي شَيْئا) ، و (لَعَلَّه يَمُوت السَّاعَة) وَتارَة من الْمُخَاطب وَهُوَ أَيْضا كثير لتنزيلة منزلَة إشفاق الْمُتَكَلّم فِي التَّلَبُّس التَّام بِكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} ، {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} باستحالة الترجي من الله تَعَالَى باستحالة الْأَمر الْمَأْخُوذ فِي مَفْهُومه، وَهُوَ عدم الوثوق بِحُصُول الْأَمر المرجو فِي حَقه تَعَالَى اسْتِحَالَة الإشفاق مِنْهُ تَعَالَى بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور

وَقد يكون من غَيرهمَا مِمَّن لَهُ نوع نعلق بالْكلَام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك} على أحد الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ أَنَّك بلغت من التهالك على إِيمَانهم مبلغا يرجون أَن تتْرك بعض مَا يُوحى إِلَيْك

وَقد تسْتَعْمل (لَعَلَّ) فِي معنى الْإِرَادَة، إِمَّا بطرِيق الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة تَشْبِيها لَهَا بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه المُرَاد بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا أمرا محبوبا أَو بطرِيق الْمجَاز الْمُرْسل من قبيل ذكر الْمَلْزُوم وَإِرَادَة اللَّازِم بِنَاء على أَن الترجي يسْتَلْزم الْإِرَادَة

وتد تسْتَعْمل لِمَعْنى (كي) الْمَوْضُوعَة لتعليل مَا بعْدهَا لما قبلهَا، لَكِن لَا على سَبِيل الْحَقِيقَة، بل على سَبِيل اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لِمَعْنى (كي) اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة تَشْبِيها لَهُ بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه الْعلَّة الغائية بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا مَقْصُودا مترتبا على فعل مُتَقَدم

وَذكر السَّيِّد الشريف رَحمَه الله فِي حَاشِيَة " الْكَشَّاف " أَن ابْن الْأَنْبَارِي وَجَمَاعَة من الأدباء ذَهَبُوا إِلَى أَن (لَعَلَّ) قد تَجِيء بِمَعْنى (كي) حَتَّى حملوها على

<<  <   >  >>