للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَكَان قار الذَّات فَجَمِيع أَجْزَائِهِ مَوْجُود

وَالزَّمَان غير قار الذَّات فأجزاؤه منصرمة مُنْقَطِعَة بَعْضهَا حَال يصير مَاضِيا وَبَعضهَا مُسْتَقْبل يصير حَالا

والآن: هُوَ السيال الَّذِي قَالُوا بِوُجُودِهِ وَلَيْسَ لَهُ امتداد وَقبُول للتجزيء فَلَا يصلح ظرفا للحوادث

وَالْمَكَان يسْتَعْمل فِي الْحَقِيقِيّ والمجازي [فالحقيقي للجسم هُوَ مَا يملؤه وَلَا يسع مَعَه غَيره وَلَا يكون إِلَّا وَاحِدًا وَغير الْحَقِيقِيّ مَا لَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ مُتَعَدد ومختلف بِحَسب الْقرب والبعد من الْحَقِيقِيّ كالبيت والبلد والإقليم والمعمورة إِلَى غير ذَلِك]

والمكانة تخص بالمجازي كالمنزل والمنزلة، فَإِن الْمنزل فِي الْحسي والمنزلة فِي الْمَعْنَوِيّ

وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": المكانة اسْم للمكان، يستعار للْحَال كَمَا يستعار (هُنَا) و (حَيْثُ) من الْمَكَان للزمان وَالْمَكَان الْوَاحِد يُسمى مرّة مقَاما إِذا اعْتبر بقيامه، ومقعدا إِذا اعْتبر بقعوده

والمقامة، بِالْفَتْح: الْإِقَامَة

وبالضم: الْجَمَاعَة من النَّاس

وَالْمقَام، بِالْفَتْح من (قَامَ يقوم) ، وَهُوَ مَوضِع الْقيام وَالْمرَاد الْمَكَان وَهُوَ من الْخَاص الَّذِي جعل مُسْتَعْملا فِي الْمَعْنى الْعَام، فَإِن مَوضِع قيام الشَّيْء أَعم من أَن يكون قِيَامه فِيهِ بِنَفسِهِ أَو بِإِقَامَة غَيره، وَمن أَن يكون ذَلِك بطرِيق الْمكْث فِيهِ أَو بِدُونِهِ وبالضم: من (أَقَامَ يُقيم) ، وَهُوَ مَوضِع الْإِقَامَة أَي: مَوضِع إِقَامَة الْغَيْر إِيَّاه أَو مَوضِع قِيَامه بِنَفسِهِ قيَاما ممتدا وَالْفِعْل إِذا جَاوز الثَّلَاثَة فالموضع بِضَم الْمِيم وَمعنى الْمقَام مَكَان فِيهِ الْقيام لشَيْء مَا، أَو ذَات مَا فِيهِ الْقيام، ولذاك صَحَّ أَن يجْرِي عَلَيْهِ الصِّفَات، وَلم يَصح أَن يكون صفة للْغَيْر وَكَانَ فِي عداد الْأَسْمَاء دون الصِّفَات

وَالْمقَام يُقَال للمصدر وَالْمَكَان وَالزَّمَان وَالْمَفْعُول لَكِن الْوَارِد فِي الْقُرْآن هُوَ الْمصدر

والموضوع مَخْصُوص بِالْعرضِ، يُقَال: مَوْضُوع الْبيَاض والسواد وَغير ذَلِك، وَلَا يُقَال مَوْضُوع الْجَوْهَر بل يُقَال مَحل الْجَوْهَر

وَالْمحل (وَهُوَ مَا يحل فِيهِ الْعرض أَو الصُّورَة) من (حل يحل) بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَقد يُرَاد بِهِ الذَّات الَّتِي تقوم بهَا الصِّفَات لَا الْمَكَان الَّذِي تجاوزه الْأَجْسَام إِذْ كل مَا لَيْسَ بِذَات مفتقر إِلَى مَحل أَي ذَات يقوم بهَا أَي يخْتَص بهَا اخْتِصَاص النَّعْت بالمنعوت [وَالْمرَاد بالناعت مَا يجوز حمله على الشَّيْء بالاشتقاق بِالْمَعْنَى الْمُقَابل للْحَمْل بالتركيب] كافتقار صِفَات الله تَعَالَى إِلَى ذَاته الْعلية (فَلَا تستقل بِدُونِهَا لَا بِمَعْنى الِاحْتِيَاج إِلَى الموجد لَا بِالِاخْتِيَارِ وَلَا بِالْإِيجَابِ)

وَمن الموجودات مَا هُوَ مفتقر إِلَى الْمحل والمخصص وَهُوَ الْأَعْرَاض، وَمِنْهَا مَا هُوَ مفتقر إِلَى الْمُخَصّص دون الْمحل وَهُوَ الأجرام والغني مِنْهَا (عَن الْمحل والمخصص) هُوَ الذَّات الْحَقِيقِيَّة الْعُظْمَى (القيومية المستلزمة لكل سبوحية قدوسية فِي كل جلال وجمال استلزاما لَا يقبل الانفكاك والانفصال)

<<  <   >  >>