الْأَسْمَاء نَحْو " (من وَكم وَكَيف وَأَيْنَ) وَمَا أشبه الْحَرْف ك (الَّذِي وَالَّتِي وَمن) و (مَا) فِي معنى الَّذِي أَو تضمن مَعْنَاهُ: وَالْبَاء لَازم فِيمَا ذكر وعارض فِي نَحْو: (غلامي) ، و (لَا رجل فِي الدَّار) ، و (يَا زيد) ، و (خَمْسَة عشر)
وَمن الْأَفْعَال الْمُضَارع إِذا اتَّصل بِهِ ضمير جمَاعَة الْمُؤَنَّث نَحْو: (هَل يفعلن) ، وَنون التوكيد نَحْو: (هَل تفعلن)
من: كل مَوضِع يَصح الْكَلَام فِيهِ بِدُونِ (من) ف (من) فِيهِ للتَّبْعِيض كَمَا فِي قَوْلك (أخذت من الدَّرَاهِم) و (أكلت من هَذَا الْخبز) وَلَو زيد (الْجيد) كَانَ (من) حِينَئِذٍ للْبَيَان
وكل مَوضِع لَا يَصح الْكَلَام فِيهِ بِدُونِ (من) ف (من) فِيهِ صلَة زيدت لتصحيح الْكَلَام
وَقَالَ بَعضهم: المبعضة مَا يَصح فِي موضعهَا (بعض) كَمَا فِي: (أخذت من الدَّرَاهِم) أَو يكون الْمَذْكُور قبلهَا لفظا أَو معنى بَعْضًا مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِك: (أخذت درهما من الدَّرَاهِم)
وَلها مَسْلَك آخر غير مَعْهُود من أهل اللِّسَان وَهُوَ أَنَّهَا إِن تقدمها كلمة (مَا) كَانَت لتبعيض مَا قبلهَا، فَكَانَ وجودهَا وَعدمهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بعْدهَا سَوَاء، وَإِن لم يتقدمها (مَا) كَانَت لتبعيض مَا بعْدهَا
[وَفِي كل مَوضِع تمّ الْكَلَام بِنَفسِهِ وَلَكِن اشْتَمَل على ضرب إِبْهَام ف (من) للتمييز، وَإِلَّا فللتبعيض قَالَه الْعَلامَة الشَّيْخ النَّسَفِيّ]
وَقَالَ السَّيِّد الشريف: (من) إِذا كَانَت للتَّبْعِيض يكون مَا قبلهَا أقل مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ رجل مُؤمن من آل فِرْعَوْن} وَإِن كَانَت للتبيين يكون مَا قبلهَا أَكثر مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان}
والبعضية الْمُعْتَبرَة فِي (من) التبعيضية هِيَ البعضية فِي الْأَجْزَاء لَا البعضية فِي الْأَفْرَاد خلاف التنكير الَّذِي يكون للتَّبْعِيض، فَإِن الْمُعْتَبر فِيهِ التَّبْعِيض فِي الْأَفْرَاد لَا فِي الْأَجْزَاء وَقد صرح الزَّمَخْشَرِيّ فِي مَوَاضِع من " الْكَشَّاف " بِأَنَّهُ قد يقْصد بالتنكر الدّلَالَة عيلى البعضية فِي الْأَجْزَاء، مِنْهَا مَا ذكره فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}
وَالْحق مَا قَالَه الشَّيْخ سعد الدّين: وَهُوَ أَن البعضية الَّتِي تدخل عَلَيْهَا (من) هِيَ البعضية الْمُجَرَّدَة المنافية للكلية لَا البعضية الَّتِي هِيَ أَعم من أَن تكون فِي ضمن الْكُلِّي أَو بِدُونِهِ لِاتِّفَاق النُّحَاة على ذَلِك، حَيْثُ احتاجوا إِلَى التَّوْفِيق بَين قَوْله تَعَالَى: (يغْفر لكم من ذنوبكم} وَبَين قَوْله: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} إِلَى أَن قَالُوا: لَا يبعد أَن يغْفر جَمِيع الذُّنُوب لقوم وَبَعضهَا لقوم وَلم يذهب أحد إِلَى أَن التَّبْعِيض لَا يُنَافِي الْكُلية، [قَالَ الْأَخْفَش: كلمة (من) فِي قَوْله تَعَالَى: {يغْفر لكم من ذنوبكم} زَائِدَة وَإِلَّا لتناقضت هَذِه الْآيَة لقَوْله تَعَالَى: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} ومحمولة على الْبَعْض عِنْد سَائِر النُّحَاة وَهُوَ الْحق، لِأَن زِيَادَة (من) فِي الْوَاجِب لَا يجوز عِنْد الْعَرَب، دلّ عَلَيْهِ انْتِفَاء صِحَة قَوْلهم: مَاتَ من رجل، ومورد الْآيَة الأولى قوم