فِي قَوْله: نَكُنْ مثل من يَا ذِئْب يصطحبان) و (من) إِنَّمَا تذكر وتؤنث بِاعْتِبَار مدلولها وإبهامه وشيوعه كالمشترك، وَأما لفظ (من) فَلَيْسَ إِلَّا مذكرا (وَمَا) كَذَلِك
وَكلمَة (من) مَفْتُوحًا نَص فِي الْعُمُوم، ومكسورا وَإِن كَانَت للتَّبْعِيض إِلَّا أَنَّهَا تحمل على التَّمْيِيز وَالْبَيَان فِي مَوضِع الْإِبْهَام كَمَا فِي (من شِئْت من نسَائِي طَلاقهَا فَطلقهَا) حَتَّى يجوز أَن يُطَلِّقهُنَّ جَمْعَاء عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد، وَأما عِنْد أبي حنيفَة يعم الْكل إِلَّا وَاحِدَة مِنْهُنَّ لِأَن كلمة (من) مَفْتُوحًا للتعميم والإحاطة فِيمَا يُرَاد بِهِ وَيذكر فِي صلته بِشَهَادَة النَّقْل والاستعمال
ومكسورا للتَّبْعِيض حَقِيقَة إِذا قرنت بِمَا فِيهِ تعدد وشمول على مَا يشْهد بِهِ الِاسْتِعْمَال، وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْبَيَان والتمييز لما فِيهِ من معنى التَّمْيِيز فِي الْجُمْلَة، وَقد جمع الْمُتَكَلّم بَينهمَا فَوَجَبَ الْعَمَل بحقيقتها فَيَقَع الطَّلَاق على أَكثر من وَاحِد عملا بِالْعُمُومِ وَلَا يَقع على الْكل عملا بالخصوص، وَإِنَّمَا تعين الْوَاحِد لِأَنَّهُ الْأَقَل الْمُتَيَقن
وَاخْتلف فِي (من) هَل بتناول الْأُنْثَى؟ فعندنا لَا يتَنَاوَلهُ خلافًا للشَّافِعِيَّة
و (من) يثنى وَيجمع فِي الْحِكَايَة كَقَوْلِه: منان ومنون
مَعَ: اسْم، (وَقد يسكن وينون) ، أَو حرف خفض، أَو كلمة تضم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء ظرف بِلَا خلاف فَإِنَّهُ مُضَاف إِلَى أحد المتصاحبين وَهُوَ لإِثْبَات المصاحبة ابْتِدَاء كَمَا أَن الْبَاء لاستدامتها
وَأما: {وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان} فثمة يحمل على التَّخْصِيص للصارف من الْحمل على الْحَقِيقَة، أَو الْمَعْنى أسلمت مصاحبة بِسُلَيْمَان
وَهُوَ فِي الْقُرْآن لمعان: للقران وَهُوَ الأَصْل نَحْو: {وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر}
وَله وللحوق أَيْضا نَحْو: {هَذَا ذكر من معي وَذكر من قلبِي}
وَبِمَعْنى " بعد " نَحْو: {وَدخل مَعَه السجْن فتيَان}
وَبِمَعْنى " عِنْد " نَحْو: {مُصدقا لما مَعكُمْ}
وَبِمَعْنى " الْعلم " نَحْو: {وَهُوَ مَعَهم إِذْ يبيتُونَ}
[وَقَوله تَعَالَى: {إِن الله مَعَ الصابرين} أَي لَا يُفَارق قُلُوبهم وهم فِي ذكره فَيكون بِمَعْنى شُهُود الْقلب
وَبِمَعْنى الْمُتَابَعَة نَحْو: {وَطَائِفَة من الَّذين مَعَك}