للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخَارِج، وَقد يكون فِي الذِّهْن.

والوجود الْمُطلق: هُوَ الْكَوْن، وَهُوَ مُفْرد لَيْسَ لَهُ جنس وَلَا فصل يَشْمَل جَمِيع الموجودات اتِّفَاقًا، فيشترك بَين الْوَاجِب وَغَيره، بِخِلَاف الْمَاهِيّة لِأَن فِي شمولها لجَمِيع الموجودات خلافًا، فان عِنْد الْبَعْض لَيْسَ للْوَاجِب مَاهِيَّة غير وجوده، بل هُوَ مَوْجُود بِوُجُود هُوَ عين ذَاته كَمَا هُوَ رَأْي الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة والحكماء، أَو مُقْتَضى ذَاته بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكهما كَمَا هُوَ رَأْي الْمُتَكَلِّمين. وَمعنى كَونه مَوْجُودا كَونه مَعْلُوما ومشعوراً بِهِ، أَو كَونه فِي نَفسه ثَابتا متحققاً وَبَينهمَا فرق من حَيْثُ إِن كَونه مَعْلُوم الْحُصُول فِي الْأَعْيَان يتَوَقَّف على كَونه حَاصِلا فِي الْأَعْيَان، وَلَا ينعكس، إِذْ لَا يمْتَنع فِي الْعقل كَونه حَاصِلا فِي نَفسه مَعَ أَنه لَا يكون مَعْلُوما لأحد.

(وَاعْلَم أَن مَرَاتِب الْوُجُود بِحَسب الْعقل ثَلَاث:

أَعْلَاهَا الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود هُوَ عين ذَاته، فالانفكاك وتصوره كِلَاهُمَا محَال.

وأوسطها الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود غَيره، فالانفكاك محَال دون تصَوره:

وَأَدْنَاهَا الْمَوْجُود بِالْغَيْر فَيمكن الانفكاك والتصور أَيْضا) .

[وَأعلم أَن] النزاع فِي أَن الْوُجُود زَائِد على الْمَاهِيّة، أَو لَيْسَ بزائد رَاجع إِلَى النزاع فِي

الْوُجُود الذهْنِي [وَهُوَ وجود يظْهر مِنْهُ صفة الْمَوْجُود بذلك الْوُجُود] فَمن أثْبته قَالَ: الْوُجُود الْخَارِجِي [وَهُوَ مَا يكون مبدأ لجَمِيع الْآثَار الْمَخْصُوصَة بالماهية] زَائِد على الْمَاهِيّة فِي الذِّهْن كقيام الْوُجُود بِشَيْء من حَيْثُ هُوَ، أَي من غير اعْتِبَار وجوده وَلَا عَدمه، وَإِن لم يخل ذَلِك الشَّيْء عَنْهُمَا، وَهَذَا عِنْد كثير من الْمُتَكَلِّمين منا.

(وَأما عِنْد الْحُكَمَاء فوجود كل شَيْء عينه فِي الْوَاجِب وَغَيره فِي الْمُمكن. والفلاسفة لَا يَقُولُونَ بعينية الْمَاهِيّة الْمُطلقَة والتشخص الْمُطلق اللَّذين هما من الْأُمُور الْعَامَّة بل بزيادتهما) . وَمن لم يثبت الْوُجُود الذهْنِي كالشيخ الْأَشْعَرِيّ قَالَ: وجود الشَّيْء الْخَارِجِي وَاجِبا كَانَ أَو مُمكنا عين الْمَاهِيّة مُطلقًا، إِذْ لَو كَانَت الْمَاهِيّة فِي مرتبَة معروضيتها للوجود خَالِيَة عَن الْوُجُود لكَانَتْ فِي تِلْكَ الْمرتبَة مَوْصُوفَة بِالْعدمِ لِاسْتِحَالَة ارْتِفَاع النقيضين، فَيلْزم حِينَئِذٍ اتصاف الْمَعْدُوم بالوجود وَأَنه تنَاقض؛ وَأَنت خَبِير بِأَن مَاهِيَّة الْمُمكن فِي حد ذَاتهَا، وَهِي مرتبَة معروضيتها للوجود والعدم، خَالِيَة عَنْهُمَا غير مَوْصُوفَة بِوَاحِد مِنْهُمَا، وَلَا اسْتِحَالَة فِي خلو مرتبَة عقلية عَن النقيضين، إِنَّمَا الاستحالة فِي خلو وَقت خارجي عَنْهُمَا، وَلِأَن الْمَاهِيّة قبل اتصافها بالوجود نَخْتَار أَنَّهَا مَعْدُومَة

<<  <   >  >>