للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلامة المرحوم الشيخ محمد عبده ما خلاصته:

للتفسير مراتب: أدناها أن يبين بالإجمال ما يشرب القلب عظمة الله وتنزيهه ويصرف النفس عن الشر ويجذبها إلى الخير وهذه هي التي قلنا إنها متيسرة لكل أحد {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} .

وأما المرتبة العليا فهي لا تتم إلا بأمور:

أحدها: فهم حقائق الألفاظ المفردة التي أودعها القرآن بحيث يحقق المفسر ذلك من استعمالات أهل اللغة غير مكتف بقول فلان وفهم فلان فإن كثيرا من الألفاظ كانت تستعمل في زمن التنزيل لمعان ثم غلبت على غيرها بعد ذلك بزمن قريب أو بعيد ومن ذلك لفظ التأويل اشتهر بمعنى التفسير مطلقا أو على وجه مخصوص ولكنه جاء في بمعان أخرى كقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} . فإن المراد به العاقبة وما يعد به القرآن من المثوبة والعقوبة أي ما يؤدي إليه الأمر في وعده ووعيده فعلى المحقق المدقق أن يفسر القرآن بحسب المعاني التي كانت مستعملة في عصر نزوله والأحسن أن يفهم اللفظ من القرآن نفسه بأن يجمع ما تكرر في مواضع منه وينظر فيه فربما استعمل بمعان مختلفة كلفظ الهداية وغيره ويحقق كيف يتفق معناه مع جملته من الآية فيعرف المعنى المطلوب من بين معانيه وقد قالوا إن القرآن يفسر بعضه بعضا وإن أفضل قرينة تقوم على حقيقة معنى اللفظ موافقته لما سبق له من القول واتفاقه مع جملة المعنى وائتلافه مع القصد الذي جاء له الكتاب بجملته.

ثانيها: الأساليب فينبغي أن يكون عنده من علمها ما يفهم به هذه الأساليب الرفيعة وذلك يحصل بممارسة الكلام البليغ ومزاولته مع التفطن لنكته ومحاسنه والوقوف على مراد المتكلم منه نعم إننا لا نتسامى إلى فهم مراد الله تعالى كله على وجه الكمال

<<  <  ج: ص:  >  >>