للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمام ولكن يمكننا فهم ما نهتدي به بقدر الطاقة ويحتاج في هذه إلى علم الإعراب وعلم الأساليب المعاني والبيان ولكن مجرد العلم بهذه الفنون وفهم مسائلها وحفظ أحكامها لا يفيد المطلوب ترون في كتب العربية ان العرب كانوا مسددين في النطق يتكلمون بما يوافق القواعد قبل أن توضع أتحسبون ان ذلك كان طبيعيا لهم كلا وإنما هي ملكة مكتسبة بالسماع والمحاكاة لذلك صار أبناء العرب أشد عجمة من العجم عندما اختلطوا بهم لو كان طبيعيا ذاتيا لهم لما فقدوه في مدة خمسين سنة من بعد الهجرة.

ثالثها: علم أحوال البشر فقد أنزل الله هذا الكتاب وجعله آخر الكتب وبين فيه ما لم يبينه في غيره وبين فيه كثيرا من أحوال الخلق وطبائعه وسننه الإلهية في البشر وقص علينا أحسن القصص عن الأمم وسيرها الموافقة لسنته فيها فلا بد للنظر في هذا الكتاب من النظر في أحوال البشر في أطوارهم وأدوارهم ومناشىء اختلاف أحوالهم من قوة وضعف وعز وذل وعلم وجهل وإيمان وكفر ومن العلم بأحوال العالم الكبير علويه وسفليه ويحتاج في هذا إلى فنون كثيرة من أهمها التاريخ بأنواعه.

أجمل القرآن الكلام عن الأمم وعن السنن الإلهية وعن آياته في السموات والأرض وفي الآفاق والأنفس وهو إجمال صادر عمن أحاط بكل شيء علما وأمرنا بالنظر والتفكر والسير في الأرض لنفهم إجماله بالتفصيل الذي يزيدنا ارتقاء وكمالا ولو اكتفينا من علم الكون بنظرة في ظاهره لكنا كمن يعتبر الكتاب بلون جلده لا بما حواه من علم وحكمة.

رابعها: العلم يوجه هداية البشر كلهم القرآن فيجب على المفسر القائم بهذا الفرض الكفائي أن يعلم ما كان عليه الناس في عصر النبوة من العرب وغيرهم لأن القرآن ينادي بأن الناس كلهم كانوا في شقاء وضلال وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث به لهدايتهم وإسعادهم وكيف يفهم المفسر ما قبحته الآيات من عوائدهم على وجه الحقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>