يقولون إن جميع المحذورات التي تخشى من الترجمة موجودة في التفسير باللفظ العربي نفسه وقد أجمعت الأمة على عدم التحاشي عن هذه المحذورات فيجب ألا يتحاشى عنها في الترجمة أصلا إذ لا فرق بين التعبير باللفظ العربي والتعبير بالفظ العجمي عن المراد بالآيات بعد أن يكون المعبر والمفسر والمترجم مستكملا للشروط والمؤهلات الواجبة لمن يعرض نفسه للتفسير والترجمة.
والجواب: أنهم إن أرادوا بالترجمة في كلامهم تلك الترجمة العرفية فقد بسطنا من وجوه المحذورات فيها ما جعلها حجرا محجورا وإثما محظورا ورسمنا من الفروق ما جعل بينها وبين التفسير بونا بعيدا سواء أكانت هي ترجمة حرفية أم تفسيرية وسواء أكان هو تفسيرا بلغة الأصل أم بغير لغة الأصل.
وإن أرادوا بالترجمة في كلامهم تلك الترجمة اللغوية على معنى التفسير بلغة أجنبية فكلامهم في محل التسليم والقبول ولكن لا يجوز أن تخاطب العرف العالمي العام بهذا الإطلاق اللغوي الخاص بنا لأنه لا يعرفه.
الشبهة الرابعة ودفعها:
يقولون إن الترجمة العرفية للقرآن إذا تعذرت بالنسبة إلى معانيه التابعة فإنها تمكن بالنسبة إلى معانيه الأصلية وعلى هذا فلنترجم القرآن بمعنى أننا ننقل معانيه الأصلية وحدها لا سيما أنها هي المشتملة على الهداية المقصودة منه دون معانية التابعة.
ونجيب على هذه الشبهة أولا بأن نقل معاني القرآن الأصلية لا يسمى ترجمة للقرآن عرفا لأن مدلول ألفاظ القرآن مؤلف من المعاني الأصلية والتابعة فترجمته نقل معانية كلها لا فرق بين ما كان منها أوليا وما كان ثانويا ونقل مقاصده كلها كذلك ومحال