نقل جميع هذا كما سبق وعلى هذا لا يجوز أن يعتبر مجرد نقل المعاني الأصلية دون التابعة ودون بقية مقاصده ترجمة له اللهم إلا إذا جاز أن تسمى يد الإنسان إنسانا ورجل الحيوان حيوانا.
ثم إن إطلاق الترجمة على هذا المعنى المراد لو كان مقصورا على قائليه ولم يتصل بالعرف العام لهان الخطب وسهل الأمر وأمكن أن يلتمس وجه للتجوز ولو بعيدا ولكن العرف الذي نخاطبه لا يفهم من كلمة ترجمة إلا أنها صورة مطابقة للأصل وافية بجميع معانيه ومقاصده لا فرق بينهما إلا في القشرة اللفظية فإذا نحن نقلنا المعاني الأصلية للقرآن وحدها ثم قلنا لأهل هذا العرف العالمي العام هذه هي ترجمة القرآن نكون قد ضللنا أهل هذا العرف من ناحية ثم نكون قد بخسنا القرآن حقه من الإجلال والإكبار من ناحية أخرى فزعمنا أن له مثلا يناصيه وشبيها يحاكيه على حين أن الذي جئنا به ما هو إلا صورة مصغرة لجزء منه وبين هذه الصورة وجلال الأصل مراحل شتى كالذي يصور الجزء الأسفل من إنسان عظيم ثم يقول للناس هذه صورة فلان العظيم.
ثانيا أن تلك المعاني التابعة الثانوية فياضة بهدايات زاخرة ومعارف واسعة فلا نسلم أن معاني القرآن الأولية وحدها هي مصدر هداياته وارجع إلى ما ذكرناه سابقا في هذا الصدد فإن فيه الكفاية.
الشبهة الخامسة ودفعها:
يقولون إن الذين ترجموا القرآن إلى اللغات الأجنبية غيروا معانيه وشوهوا جماله وأخطأوا أخطاء فاحشة فإذا نحن ترجمنا القرآن بعناية أمكن أن نصحح لهم تلك الأخطاء وأن نرد إلى القرآن الكريم اعتباره في نظر أولئك الذين يقرؤون تلك الترجمات الضالة وأن نزيل العقبات التي وضعت في طريقهم إلى هداية الإسلام وبذلك نكون قد أدينا رسالتنا في النشر والدعوة إلى هذا الدين الحنيف.