ونوقش هذا الاستدلال بأن إطلاق القول بأن النص أقوى دلالة من القياس غير مسلم فإن هناك من النصوص ما تخفي دلالته حتى لا يفقهها إلا الخواص على حين أن هناك من الأقيسة ما تظهر دلالته لكل باحث منصف.
دليل المجوزين مطلقا:
واستند المجوزون لنسخ القياس والنسخ به مطلقا إلى أن القياس دليل شرعي لم يقم دليل عقلي ولا نقلي على امتناع نسخه أو النسخ به.
ونوقش هذا الاستدلال بأن إطلاقهم هذا يستلزم التسوية بين ظني القياس وقطعيه ويستلزم جواز ارتفاع القطعي منه بالظني وكلاهما غير مقبول عقلا ولا نقلا.
دليل الجمهور:
واستدل الجمهور على جواز نسخه والنسخ به إن كان قطعيا بأن القياس القطعي لا يستلزم نسخه ولا النسخ به محالا عقليا ولا شرعيا واستدلوا على عدم جواز نسخه والنسخ به إن كان ظنيا بأن جواز ذلك يستلزم المحال أما بيانه بالنسبة لعدم جواز نسخه فهو أن الناسخ له إما أن يكون قطعيا أو ظنيا لا جائز أن يكون قطعيا لأن الظن لا يقوى على رفع اليقين ولا جائز أن يكون ظنيا وكلا هذين مبطل للقياس الأول والباطل لا ثبوت له حتى ينتسخ ويستدلون على أن كلا هذين مبطل للقياس الأول بأن اقتضاء القياس للحكم مشروط بألا يظهر له معارض مساو له أو أرجح منه ولا ريب أن القياس القطعي المتأخر أقوى من الأول وأن الظني أرجح منه حتى يعقل نسخه له فبظهور أحدهما يتبين بطلان ذلك القياس الأول وإذن فلا نسخ ودليلهم على عدم جواز النسخ به هو أن المنسوخ بالقياس الظني إما أن يكون قطعيا أو ظنيا لأن اقتضاء القياس الظني للحكم مشروط بألا يظهر له معارض مساو له أو أرجح منه وفي هذه الصورة قد ظهر له معارض وهو القياس المتأخر عنه الذي لا بد أن يكون