{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} قيل إنها منسوخة بقوله سبحانه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} لأن الآية الأولى تفيد جواز استقبال غير المسجد الحرام في الصلاة ما دامت الآفاق كلها لله وليست له جهة معينة والثانية تفيد عدم جواز استقبال غيره فيها ما دامت تحتم استقبال المسجد الحرام في أي مكان نكون فيه.
وقيل إن الآية المذكورة ليست منسوخة وإنما هي محكمة وهذا ما نرجحه لأنها نزلت ردا على قول اليهود حين حولت القبلة إلى الكعبة:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} إذن فهي متأخرة في النزول عن آية التحويل كما قال ابن عباس وليس بمعقول أن يكون الناسخ سابقا على المنسوخ ثم إن معناها هكذا إن الآفاق كلها لله وليس سبحانه في مكان خاص منها وليس له جهة معينة فيها وإذن فله أن يأمر عباده باستقبال ما يشاء من الجهات في الصلاة وله أن يحولهم من جهة إلى جهة وهذا المعنى كما ترى لا يتعارض وأن يأمر الله عباده وجوبا باستقبال الكعبة دون غيرها بعد أن أمرهم باستقبال بيت المقدس وحيث لا تعارض فلا نسخ بل الآيتان محكمتان ويؤيد إحكام هذه الآية أن جملة {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وردت بنصها في سياق الآيات النازلة في التحويل إلى الكعبة ردا على من طعنوا فيه اقرأ إن شئت قوله سبحانه: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وبعضهم يمنع التعارض ويدفع النسخ بأن آية {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} تفيد جواز التوجه إلى غير الكعبة في خصوص صلاة النافلة سفرا على الدابة ويقول إن هذا الحكم باق لم ينسخ أما الآية الثانية فتفيد وجوب استقبال الكعبة في الفرائض وبعضهم يحمل الآية الأولى على التوجه في الدعاء والثانية على التوجه في الصلاة وإذن