للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضا- رحمه الله-: " فصل وإذا كانت جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة؛ فهذا في الأقوال والأفعال في الكلم الطيب والعمل الصالح، في الأمور العلمية والأمور العملية العبادية" (١).

وقال أيضا- رحمه الله-: " ففي هذه الأمور العلمية الكلامية يحتاج المخبر بها أن يكون ما يخبر به عن الله واليوم الآخر، وما كان وما يكون حقا وصوابا، وما يأمر به وما ينهي عنه، كما جاءت به الرسل عن الله فهذا هو الصواب الموافق للسنة والشريعة المتبع لكتاب الله وسنة رسوله، كما أن العبادات التي يتعبد العباد بها إذا كانت مما شرعة الله وأمر الله به ورسوله كانت حقا صوابا موافقا لما بعث الله به رسله، وما لم يكن كذلك من القسمين كان من الباطل والبدع المضلة والجهل؛ وإن كان يسميه من يسميه علوما ومعقولات وعبادات ومجاهدات وأذواقا ومقامات، ويحتاج أيضا أن يؤمر بذلك لأمر الله به، وينهى عنه لنهي الله عنه، ويخبر بما أخبر الله به؛ لأنه حق وإيمان وهدى كما أخبرت به الرسول، كما تحتاج العبادة إلى أن يقصد بها وجه الله، فإذا قيل ذلك لاتباع الهوى والحمية أو لإظهار العلم والفضيلة أو لطلب السمعة والرياء كان بمنزلة المقاتل شجاعة وحمية ورياء" (٢).

وقال أيضا- رحمه الله-: " ثم كل من الأقسام الثلاثة: المأمور به، والمحظور، والمشتمل على الأمرين قد يكون لصاحبه نية حسنة، وقد يكون متبعا لهواه، وقد يجتمع له هذا وهذا، فهذه تسعة أقسام في هذه الأمور: في الأموال المنفقة عليها من الأموال السلطانية الفيء وغيره، والأموال الموقوفة، والأموال الموصى بها، والأموال المنذورة، وأنواع العطايا والصدقات والصلات، وهذا كله من لبس الحق بالباطل، وخلط عمل صالح وآخر سيء، والسيء من ذلك قد يكون صاحبه مخطئا، أو ناسيا مغفورا له كالمجتهد المخطئ الذي له أجر وخطؤه مغفور له، وقد يكون صغيرا مكفرا باجتناب الكبائر، وقد يكون مغفورا بتوبة أو بحسنات تمحو السيئات أو مكفرا بمصائب الدنيا ونحو ذلك؛ إلا أن دين الله الذي أنزل به كتبه وبعث به رسله ما تقدم من إرادة الله وحده بالعمل الصالح" (٣).


(١) الاستقامة: ٢٩٧.
(٢) الاستقامة: ٢/ ٣٠٠.
(٣) الاستقامة: ٢/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>