للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- العادل والظالم في الولايات:

قال - رحمه الله-: " وجميع هذه الولايات هي في الأصل ولاية شرعية ومناصب دينية، فأي من عدل في ولاية من هذه الولايات فساسها بعلم وعدل وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان فهو من الأبرار الصالحين، وأي من ظلم وعمل فيها بجهل فهو من الفجار الظالمين، إنما الضابط قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم}، {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيم} " (١).

- لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، وكيفية العمل بها:

قال - رحمه الله-: " لا غنى لولي الأمر عن المشاورة؛ فإن الله تعالى أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين}، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «لم يكن أحد أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم». وقد قيل: إن الله أمر بها نبيه لتأليف قلوب أصحابه، وليقتدي به من بعده، وليستخرج بها منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب، والأمور الحربية، وغير ذلك، فغيره صلى الله عليه وسلم أولى بالمشورة.

وقد أثنى الله على المؤمنين بذلك في قوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون}، وإذا استشارهم، فإن بين له بعضهم ما يجب اتباعه من كتاب الله أو سنة رسوله أو إجماع المسلمين، فعليه اتباع ذلك، ولا طاعة لأحد في خلاف ذلك، وإن كان عظيما في الدين والدنيا، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.

وإن كان أمرا قد تنازع فيه المسلمون، فينبغي أن يستخرج من كل منهم رأيه ووجه رأيه، فأي الآراء كان أشبه بكتاب الله وسنة رسوله عمل به، كما قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} " (٢).


(١) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٨.
(٢) السياسة الشرعية: ٢٢٧ - ٢٢٨.

<<  <   >  >>