للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- من امتنع من أداء الواجب الذي عليه من قول أو فعل فإنه يستحق العقوبة:

قال - رحمه الله-: " وهذا مطرد فيما تتولاه الولاة والقضاة وغيرهم، في كل من امتنع من واجب، من قول أو فعل، وليس هذا بمطالبة للرجل بحق وجب على غيره، ولا عقوبة على جناية غيره، حتى يدخل في قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ}، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يجني جان إلا على نفسه». وإنما ذلك مثل أن يطلب بمال قد وجب على غيره، وهو ليس وكيلا ولا ضامنا ولا له عنده مال، أو يعاقب الرجل بجريرة قريبه أو جاره، من غير أن يكون هو قد أذنب، لا بترك واجب، ولا بفعل محرم، فهذا الذي لا يحل.

فأما هذا فإنما يعاقب على ذنب نفسه، وهو أن يكون قد علم مكان الظالم، الذي يطلب حضوره لاستيفاء الحق، أو يعلم مكان المال الذي قد تعلق به حقوق المستحقين، فيمتنع من الإعانة والنصرة الواجبة عليه في الكتاب والسنة والإجماع، إما محاباة أو حمية لذلك الظالم، كما قد يفعل أهل العصبية بعضهم ببعض، وإما معاداة أو بغضا للمظلوم، وقد قال الله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.

وإما إعراضا -عن القيام لله والقيام بالقسط الذي أوجبه الله أوجبنا وفشلا وخذلانا لدينه، كما يفعل التاركون لنصر الله ورسوله ودينه وكتابه، الذين إذا قيل لهم انفروا في سبيل الله اثاقلوا إلى الأرض، وعلى كل تقدير فهذا الضرب، يستحق العقوبة باتفاق العلماء" (١).

- لا يحل أخذ المال لتعطيل الحدود:

قال - رحمه الله-: " ولا يجوز أن يؤخذ من الزاني أو السارق أو الشارب أو قاطع الطريق ونحوهم مال تعطل به الحدود؛ لا لبيت المال ولا لغيره.

وهذا المال المأخوذ لتعطيل الحد سحت خبيث، وإذا فعل ولي الأمر ذلك فقد جمع فسادين عظيمين: أحدهما: تعطيل الحد، والثاني: أكل السحت. فترك الواجب وفعل المحرم" (٢).


(١) السياسة الشرعية: ١١٩ - ١٢٠.
(٢) السياسة الشرعية: ٨٩، ٩١.

<<  <   >  >>