للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- العطاء بحسب منفعة الرجل:

قال - رحمه الله-: " وإذا عرفت أن العطاء يكون بحسب منفعة الرجل، وبحسب حاجته في مال المصالح وفي الصدقات أيضا، فما زاد على ذلك لا يستحقه الرجل، إلا كما يستحقه نظراؤه" (١).

- إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء يكون بحسب النية:

قال - رحمه الله-: " والمؤلفة قلوبهم نوعان: كافر ومسلم، فالكافر: إما أن يرجى بعطيته منفعة: كإسلامه، أو دفع مضرته إذا لم يندفع إلا بذلك.

والمسلم المطاع يرجى بعطيته المنفعة أيضا، كحسن إسلامه، أو إسلام نظيره، أو جباية المال ممن لا يعطيه إلا لخوف، أو النكاية في العدو، أو كف ضرره عن المسلمين إذا لم ينكف إلا بذلك.

وهذا النوع من العطاء، وإن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء، كما يفعل الملوك؛ فالأعمال بالنيات؛ فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله، كان من جنس عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد، كان من جنس عطاء فرعون" (٢).

- افتراق الناس في العطاء والمنع ثلاث فرق، وبأيهم يكون صلاح الدين والدنيا:

قال - رحمه الله-: " ولكن افترق الناس هنا ثلاث فرق: فريق غلب عليهم حب العلو في الأرض والفساد، فلم ينظروا في عاقبة المعاد، ورأوا أن السلطان لا يقوم إلا بعطاء، وقد لا يتأتى العطاء إلا باستخراج أموال من غير حلها؛ فصاروا نهابين وهابين، وهؤلاء يقولون: لا يمكن أن يتولى على الناس إلا من يأكل وطعم، فإنه إذا تولى العفيف الذي لا يأكل ولا يطعم سخط عليه الرؤساء وعزلوه؛ إن لم يضروه في نفسه وماله.

وهؤلاء نظروا في عاجل دنياهم، وأهملوا الآجل من دنياهم وآخرتهم، فعاقبتهم عاقبة رديئة في الدنيا والآخرة، إن لم يحصل لهم ما يصلح عاقبتهم من توبة ونحوها.


(١) السياسة الشرعية: ٧٣.
(٢) السياسة الشرعية: ٧٥ - ٧٦.

<<  <   >  >>