للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضا- رحمه الله-: " فمن ظهر منه شيء من هذه المنكرات وجب منعه من ذلك، وعقوبته عليها، إذ لم يتب حتى قدر عليه، بحسب ما جاءت به الشريعة من قتل، أو جلد أو غير ذلك.

وأما المحتسب فعليه أن يعزر من أظهر ذلك قولًا أو فعلًا، ويمنع من الاجتماع في مظان التهم، فالعقوبة لا تكون إلا على ذنب ثابت، وأما المنع والاحتراز فيكون مع التهمة، كما منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجتمع الصبيان بمن كان يتهم بالفاحشة، وهذا مثل الاحتراز عن قبول شهادة المتهم بالكذب وائتمان المتهم بالخيانة، ومعاملة المتهم بالمطل" (١).

- الظالم يستحق العقوبة والتعزير:

قال - رحمه الله-: " والظالم يستحق العقوبة والتعزير، وهذا أصل متفق عليه: أن كل من فعل محرما أو ترك واجبا استحق العقوبة؛ فإن لم تكن مقدرة بالشرع كان تعزيرا يجتهد فيه ولي الأمر، فيعاقب الغني المماطل بالحبس، فإن أصر عوقب بالضرب حتى يؤدي الواجب، وقد نص على ذلك الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم رضي الله عنهم، ولا أعلم فيه خلافا" (٢).

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية:

قال - رحمه الله-: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية، فإن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن، وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور، وذلك يحصل بالعقوبة على ترك الواجبات وفعل المحرمات، فمنها عقوبات مقدرة، مثل: جلد المفتري ثمانين، وقطع يد السارق، ومنها عقوبات غير مقدرة قد تسمى: التعزير.

وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كبر الذنوب وصغرها، وبحسب حال المذنب، وبحسب حال الذنب في قلته وكثرته.

والتعزير أجناس: فمنه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب" (٣).


(١) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ١٠٦.
(٢) السياسة الشرعية: ٦١.
(٣) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ١٠٧.

<<  <   >  >>