للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المساواة والمعادلة في تطبيق الحكام الشرعية:

قال - رحمه الله-: " فكتب الله علينا القصاص -وهو المساواة والمعادلة في القتلى- وأخبر أن فيه حياة؛ فإنه يحقن دم غير القاتل من أولياء الرجلين ... عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده»، رواه أحمد وأبو داود وغيرهما من أهل السنن، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسلمين تتكافأ دماؤهم -أي تتساوى وتتعادل- فلا يفضل عربي على عجمي، ولا قرشي أو هاشمي على غيره من المسلمين، ولا حر أصلي على مولى عتيق، ولا عالم أو أمير، على أمي أو مأمور. كما قضى أنه يتساوون في الأموال في مثل المواريث؛ فإن البنين في إرثهم من أمهم وإن تفاضلوا في الدين والدنيا.

وهذا الذي قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدل بين المسلمين في النفوس والأموال متفق عليه بين المسلمين" (١).

- الأصل في التعامل بالمعاملات تحقيق العدل والنهي عن الظلم:

قال - رحمه الله-: " جمهور ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات تعود إلى تحقيق العدل، والنهي عن الظلم: دقه وجله" (٢).

- استقامة الدنيا مع العدل وإن كان فيه اشتراك في بعض أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم وإن لم يشترك في إثم:

قال - رحمه الله-: " وأمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل الذي قد يكون فيه الاشتراك في بعض أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم يشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام .... وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بالعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة؛ فالنفس فيها داعي الظلم لغيرها بالعلو عليه والحسد له والتعدي عليه في حقه، وفيها داعي الظلم لنفسها بتناول الشهوات القبيحة كالزنا وأكل الخبائث، فهي قد تظلم من لا يظلمها، وتؤثر هذه الشهوات وإن لم يفعلها غيرها؛ فإذا رأت نظراءها قد ظلموا أو تناولوا هذه الشهوات صار داعي هذه الشهوات أو الظلم فيها أعظم بكثير، وقد تصبر ويهيج ذلك لها من بغض ذلك الغير وحسده وطلب عقابه وزوال الخير عنه ما لم يكن فيها قبل ذلك، ولها حجة عند نفسها من جهة العقل والدين؛ بكون ذلك الغير قد ظلم نفسه والمسلمين، وأن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر واجب، والجهاد على ذلك من الدين" (٣).


(١) السياسة الشرعية: ١٩٩.
(٢) السياسة الشرعية: ٢١٩.
(٣) الاستقامة: ٢/ ٢٤٦ - ٢٤٨.

<<  <   >  >>