للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضا- رحمه الله-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}، وأولوا الأمر أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس وينهونهم، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام؛ فلهذا كان أولوا الأمر صنفين: العلماء والأمراء، فإذا صلحوا؛ صلح الناس، وإذا فسدوا؛ فسد الناس، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأحمسية لما سألته: "ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح؟ "، قال: "ما استقامت لكم أئمتكم"، ويدخل فيهم الملوك والمشايخ وأهل الديوان، وكل من كان متبوعا فإنه من أولي الأمر، وعلى كل واحد من هؤلاء أن يأمر بما أمر الله به، وينهى عن ما نهى الله عنه، وعلى كل واحد ممن عليه طاعته أن يطيعه في طاعة الله ولا يطيعه في معصية الله" (١).

- التعاون مع ولاة الأمر؛ وإن كان فيهم ظلم وجور:

قال - رحمه الله-: " وكذلك يوسف كان نائبًا لفرعون مصر وهو وقومه مشركون، وفعل من العدل والخير ما قدر عليه، ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان" (٢).

وقال أيضا- رحمه الله-: " والمعين على الإثم والعدوان من أعان الظالم على ظلمه أما من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه أو على المظلمة فهو وكيل المظلوم لا وكيل الظالم؛ بمنزلة الذي يقرضه أو الذي يتوكل في حمل المال له إلى الظالم، مثال ذلك: ولي اليتيم والوقف إذا طلب ظالم منه مالا فاجتهد في دفع ذلك - بمال أقل منه إليه - أو إلى غيره بعد الاجتهاد التام في الدفع فهو محسن، وما على المحسنين من سبيل" (٣).

وقال أيضا- رحمه الله- في التعاون مع ولاة الأمر، وأنه نوعان: " الأول: تعاون على البر والتقوى من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين، فهذا مما أمر الله به ورسوله، ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية؛ متوهما أنه متورع، وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وإمساك.

والثاني: تعاون على الإثم والعدوان كالإعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه لله ورسوله" (٤).


(١) الاستقامة: ٢/ ٢٩٦.
(٢) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٨.
(٣) السياسة الشرعية: ٦٩ - ٧٠.
(٤) السياسة الشرعية: ٦٧.

<<  <   >  >>