وكان هؤلاء الليبيون يتحلون بريشة فوق الرأس, وعرفوا باسم "الماشواش" وكان هذا الاسم يختصر أحيانًا إلى كلمة "الما" فقط.
ولما اطمأن رعمسيس الثالث إلى زوال الخطر أراد أن يعيد إلى مصر ممتلكاتها في آسيا؛ فاتجه إليها على رأس جيشه حيث قام بحملة موفقة يغلب على الظن أنه وصل فيها إلى أعالي الفرات، وقد دونت في نقوش هذه الحملة بعض التفصيلات؛ ولكننا نشك كثيرًا في قائمة البلاد التي ذكر بأنه أخضعها؛ إذ يرجح أنه نقل معظمها عن مصادر قديمة، ومع هذا فمما لا شك فيه أنه نجح في إعادة جزء كبير من أملاك مصر السابقة، ويكفي أن الأمن قد استتب في عهده واستقر له الأمر إلى أن مات بعد أن قضى في الحكم أكثر من ثلاثين عامًا لم يصادف خلالها ما يعكر الصفو بعد الحروب والحملات التي أشرنا إليها إلا ثورة صغيرة قام بها بدو منطقة صير, ولكنها أخمدت بسهولة.
سقوط الإمبراطورية
حاول رعمسيس الثالث أن يتشبه بسلفه العظيم رعمسيس الثاني في كل الأمور؛ ولكنه ارتكب خطأ كبيرًا؛ إذ منح كهنة آمون ومعابده كثيرًا من الثروات الضخمة حتى أصبح الإله آمون رع يملك مناجم الذهب في النوبة وتسعًا من المدن في سورية ونحو العشر من مجموع مساحة الأراضي المزروعة, فضلًا عن الأرقاء والماشية والحدائق مما جعل كهنة هذه الإله هم أصحاب النفوذ الفعلي في البلاد. ولم يتوانَ هؤلاء في استغلال الفرصة, بل تغالوا في إظهار قوة آمون ونسبوا إليه القدرة على حل المعضلات حتى أصبح الملوك وكبار الشخصيات يستلهمون وحيه في معظم شئون الدولة, ويأخذون بما يشير به في تعيين الموظفين ومعاقبة المذنبين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل استلهموا وحيه كذلك في شئونهم الشخصية؛ ولهذا أصبحت طوائف الكهنة تستغل سذاجة العامة