للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استغلالًا فاحشًا فتدهورت النواحي الأخلاقية والاجتماعية. هذا وقد جمع رعمسيس الثالث حوله عددًا من الأجانب وخاصة من الفتيات الجميلات والمستشارين الذين تقلدوا أرقى المناصب وتحكموا في شئون القصر والبلاط؛ فأخذوا ينافسون الكهنة في الاستثارة بالسلطة, وأوحوا إلى الفرعون بالإكثار من الجنود المرتزقة؛ مما أرهق الميزانية حتى عجز القصر عن دفع مرتبات عمال المقابر في طيبة، ولم يجد هؤلاء بدًّا من الإضراب عن العمل, وكان الكثيرون من الفقراء يتهالكون جوعًا؛ بينما كانت أكداس الحبوب والذهب تتجمع في مخازن آمون, ولم يرحم رجال الدين هؤلاء الفقراء أو يمدوا لهم يد العون, ومع ذلك فقد ظل رعمسيس الثالث لاهيًا عن شئون الدولة, منغمسًا في ملذاته ولا يدري شيئا عما يجري من حوله؛ حتى قامت في الدلتا ثورة أخرى ضده كانت أتريب "قرب بنها الحالية" مركزها، ومع أن هذه الثورة لم تنجح إلا أن الأحوال الداخلية في القصر توحي بضرورة التخلص من الملك؛ ولذا نجد إحدى زوجاته تنجح في نهاية عهده في الحصول على تأييد بعض موظفي القصر لتدبير مؤامرة لقتل الملك كي تتاح لها الفرصة لإعلان ابنها ملكًا على مصر١؛ ولكن هذه المؤامرة لم تنته بالقضاء على الملك واكتشف أمر الجناة الذين أحيلوا إلى المحاكمة أمام هيئة مكونة من أربعة عشر عضوًا من بينهم أربعة من الأجانب، ومما يدل على انتشار الفساد في البلاد وتفشي الانحلال أن بعض النساء وبعض الضباط استطاعوا إغراء ثلاثة من القضاة لكي يؤثروا في سير التحقيق؛ ولكن هذا الأمر اكتشف كذلك وقدم هؤلاء الثلاثة إلى المحاكمة فبرئ أحدهم وانتحر الثاني, أما الثالث فقد حكم عليه هو ورجال الشرطة بجدع الأنف وصلم الأذنين.


١ Breasted, A R IV, ٤١٦ ff; JEA ٣٣, pp. ١٥٢ ff & ٢٤ qq. ٨-٩.

<<  <   >  >>