للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع أن خاتمة رعمسيس الثالث لم تكن مشرفة إلا أنه لا شك في أنه أنقذ البلاد -بل وأنقذ بلادًا أخرى كذلك- من خطر العناصر الهندو أوروبية التي كانت تقضي على مدنيات البلاد التي تجتاحها، وقد ظل نشيطًا عاليَ الهمة في الجزء الأكبر من حياته وأعاد لمصر شيئًا من مجدها السابق, ولم يخلد إلى حياة اللهو والكسل إلا في أواخر عهده, بل يمكن القول بأن مجد الإمبراطورية المصرية انتهى بعد وفاته ولم تقم لها قائمة بعد ذلك إلا لفترة قصيرة في عهد الأسرة السادسة والعشرين.

وتوالى من بعده ملوك ضعاف لم يحكموا إلا نحو خمسة وسبعين عامًا انتهى بعدها حكم الأسرة العشرين، وفي خلال تلك الفترة الأخيرة من حكم هذه الأسرة ظلت الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ وأخذ سلطان الملوك يتضاءل "ابتداء من عهد رعمسيس الرابع إلى عهد رعمسيس الحادي عشر آخر ملوك الأسرة"؛ حتى أصبحوا ألعوبة في يد كهنة آمون الذين استطاعوا أن يستأثروا بالسلطة. أما نفوذ مصر خارج حدودها فقد أخذ يزول تدريجيًّا إلى أن صار قاصرًا على بلاد النوبة فقط، ومع كل فإن هذه لم تستمر على اتصالها بمصر طويلًا؛ بل انفصلت بعدئذٍ وتكونت فيها مملكة مستقلة.

وقد كثرت في عهد خلفاء رعمسيس الثالث حوادث السرقة والرشوة، ولم يكن لأحد منهم نشاط يذكر، وإن كنا نعرف أن رعمسيس السادس ترك نقوشًا على كثير من الآثار في مصر والسودان, وأن كثيرًا من مقابر الفراعنة قد سرقت واكتشف أمر سرقتها في عهد رعمسيس التاسع وبدأ التحقيق مع اللصوص, ولكن يظهر أن تلك السرقات كانت مستمرة من عهود سابقة، كما يبدو أن الجناة كانوا يطمئنون إلى الموظفين الذين يكشفون أمثال تلك السرقات على أساس إرضائهم بالرشوة, مما يدل على تدهور الحياة الاجتماعية وانحلال الأخلاق عامة,

<<  <   >  >>