ومن النقوش التي ترجع إلى أواخر عصر هذه الأسرة يتبين لنا أن عهود آخر ثلاثة ملوك فيها كانت تسودها الاضطرابات وقد تلفت فيها آثار كثيرة ولم تنجُ عاصمتهم "بوبسطة" من التخريب, كما أنها تعرضت بعد ذلك للنهب والتدمير؛ ولذلك كانت معلوماتنا عن هذه الأسرة بصفة عامة ضئيلة للغاية، ولا نجد فيما لدينا من نصوص بعد عهد مؤسسها شيشنق ما يشير إلى فلسطين؛ مما يدل على أن نفوذ مصر قد انعدم فيها من بعده.
ويحتمل أن ظهور مملكة آشور في ذلك الحين جعل بعض الدويلات الآسيوية في شرق حوض البحر المتوسط تتجمع في شكل اتحاد ضدها، ووجد "تكلوت الثاني" أن في ظهور هذه المملكة الفتية خطرًا يهدد مصر؛ فأرسل عددًا من المقاتلين كمدد لذلك الاتحاد الذي هزمه شلمنصر الثالث ملك أشور حينئذ، وأثار ذلك انتباه هذه الدولة الفتية إلى الدور الذي تقوم به مصر فتحفزت للاصطدام معها.
وفي أواخر عهد "شيشنق الثالث" أي: في أثناء تولي "حرسا إيسي" لرئاسة الكهنوت من جديد, نشأت أسرة ملكية "بدأها "بادي باست"" في طيبة هي الأسرة الثالثة والعشرون، أي أنها كانت تعاصر الأسرة الثانية والعشرين وخاصة في الفترة الأخيرة منها؛ ولكننا لا نعرف كيف نشأت هذه الأسرة؟ وما هي العلاقة بينها وبين الأسرة السابقة؟ بل ولا نعرف شيئًا عن الدور الذي قام به "حرسا إيسي" عند تعاصر الأسرتين، وكل ما يمكن أن نقوله هو أن الأحوال الخارجية والداخلية بصفة عامة لم تكن واضحة تمامًا.
ومما تجدر ملاحظته أن الأسرة الثالثة والعشرين قد مرت في نهايتها بنفس التجربة؛ إذ ظهرت في الشمال أسرة جديدة "وإن لم تعمر هذه الأسرة طويلًا" كما شاهدت كذلك دخول النبتاويين إلى مصر؛ حيث أسسوا الأسرة الخامسة والعشرين.