واستطاعت دولة سبأ أن تزدهر وأن ينعم شعبها بالثراء لاشتغالهم بالزراعة والتجارة؛ حيث سيطروا على الطريق البري الذي يربط الجنوب بالشمال, وازداد نفوذها فأقامت حكامًا لها في الواحات الواقعة على هذا الطريق التجاري, تعاونهم حاميات عسكرية وكانت واحة ديدان "العلا" هي مركز نفوذها على شمال بلاد العرب.
ويمكن حسب ما ورد في النقوش السبئية، أن نقسم عصر الدولة السبئية إلى مرحلتين تاريخيتين متتاليتين: مرحلة المكارب ٨٠٠-٦٥٠ ق. م. أي: المقربون من الآلهة والناس أو الذين كانت لهم مكانة دينية إلى جانب حكمهم كملوك, وقد اتخذوا صرواح عاصمة لهم في أول الأمر ثم نقلوا العاصمة بعد ذلك إلى مأرب، ومرحلة ملوك سبأ وتمتد إلى ١١٥ ق. م.
مكارب سبأ وتمتد إلى ١١٥ ق. م.
أسس "سمة على" دولة سبأ ثم خلفه على العرش ابنه "يدع إيل ذريح""حوالي ٧٨٠ ق. م." وقد شيد معبدًا للإله ألمقه في صرواح ومعبدًا آخر لنفس الإله في مأرب وقدم القرابين إلى الإله عشتر, ثم تبعه ولده "يثع أمر" الذي ينسب إليه بناء معبد في بلدة دابر الواقعة في الجوف بين مأرب ومعين؛ مما يوحي بأن السبئيين اصطدموا بالمعينيين في عهده, وقد قام ولده "يدع إيل بين" الذي خلفه في الحكم بتحصين أبراج مدينة نشق المعينية. ومنذ بداية القرن السابع قبل الميلاد اهتم مكارب سبأ بالإصلاحات الزراعية؛ فقد وزع "كرب إيل بين" الأراضي المحيطة بنشق على الفلاحين لاستصلاحها وزراعتها وسار ولده "دمر على ذريح" على نفس السياسة, أما ابن هذا الأخير "سنة على ينف" فقد شيد سدًّا على مدخل وادي "زنة" بمأرب يعرف باسم سد "رحب"