سنة ٦٥٠ ق. م. فساعد على تنظيم ري المناطق المجاورة طوال العام؛ ولكنه لم يفِ بحاجة كل الأراضي الزراعية؛ مما جعل "يثعمر أمر بين" ولده وخليفته يزيد في حجم السد "طولًا وعرضًا وارتفاعًا"، كما شيد سدًّا أعظم منه يعرف باسم "سد حبايض"، وكان لهذين السدين بمأرب أعظم الأثر في زيادة الرقعة الزراعية وزيادة ثروة البلاد. وقد رمم سد "زنة" وأصلح في العصور التالية؛ ولكن اضطراب أحوال الدولة الحميرية فيما بعد وإهمالها له عجل بتصدعه ثم انهياره فتحولت الأراضي الزراعية إلى الجدب؛ وأدى ذلك إلى هجرة بعض القبائل إلى مشارف الشام والبحرين والعراق.
وآخر مكارب اليمن هو "كرب إيل وتر" الذي تخلى عن سياسة التعمير واتجه إلى التوسع العسكري؛ فهاجم الدولة المعينية وقضى عليها, كما انتصر على القتبانيين وسجل انتصاراته على جدران معبد صرواح, ولقب نفسه بلقب "ملك سبأ" فأصبح أول حكام سبأ الذين تلقبوا بهذا اللقب.
ملوك سبأ: اتسعت مملكة سبأ واشتد بأسها وأصبح لها أسطول تجاري ضخم ينتقل بين ثغورها والثغور الأجنبية, وقد أخذت تظهر فيها أسرات قوية وخاصة منذ سنة ٥٠٠ ق. م. ومن بين هذه الأسرات أسرة همدانية تمكنت من اغتصاب العرش، وحدثت تغيرات سياسية وفكرية مهمة؛ فبدأت تظهر فيها أسماء آلهة جديدة لم يكن يسمع عنها من قبل ثم بدأت المتاعب تحيط بملوك سبأ منذ سنة ٣٥٠ ق. م؛ إذ إن الهمدانيين وبعض أمراء القبائل الأخرى طمعوا في العرش أو الاستقلال بإماراتهم وحاولت المملكة أن تقضي على استقلال هذه الإمارات وأن تدمجها في المملكة؛ ولكن عَزَّ على هذه الإمارات أن تتنازل عن استقلالها وضعف مركز ملوك سبأ, وخاصة بعد أن أخذ البطالمة في مصر يحتكرون التجارة الشرقية, وقامت اضطرابات وثورات عنيفة أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية