للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستولوا على بعض المدن الكنعانية المحصنة في فلسطين وأحرقوها وقتلوا أهلها حتى الأطفال؛ ولكن بعض المدن الأخرى استعصت عليهم مثل جزر وأورشليم وبيت شأن، وهذه الأخيرة لم تسقط في أيديهم إلا حوالي سنة ١٠٠٠ ق. م. أو بعد ذلك بقليل.

وبعد أن استقروا في الجهات التي وصلوا إليها اختلطوا بسكانها ومن بينهم أقرباؤهم الذين كانوا قد فضلوا البقاء فيها من قبل ولم يهاجروا إلى مصر، ثم تغلغلوا في أماكن أخرى، وبعدئذ قسموا الجهات التي سيطروا عليها بين إحدى عشرة قبيلة من القبائل الاثنتي عشرة التي تضمهم، أما القبيلة الباقية وهي قبيلة "لاوي الكهنوتية"؛ فقد تفرغت للشئون الدينية ووزعت على القبائل الأخرى، وهذا هو ما يعرف بعصر القضاة.

وهؤلاء القضاة كانوا أبطالًا وحكامًا قادرين قادوا قبائلهم في حروبهم ضد أعدائهم واشتهر منهم كثيرون, من بينهم شمشون الجبار؛ حيث روت عنه الأساطير العبرانية الشيء الكثير فيما يتعلق بحروبه مع الفلسطينيين الذين كانوا أشد أعداء العبرانيين، وهم من شعوب البحر التي جاءت من منطقة إيجة في أواخر القرن الثالث عشر ووصلوا إلى سواحل سورية الجنوبية واستقروا بها "ومن اسمهم اشتق اسم فلسطين" وقد حاولوا الدخول إلى مصر في عهد رعمسيس الثالث١؛ ولكنه هزمهم وحال دون توغلهم إليها، ومن مدنهم الخمسة الرئيسية كونوا اتحادًا بزعامة أشدود، وفي حوالي سنة ١٠٥٠ ق. م. حاربوا العبرانيين وانتصروا عليهم وأخذوا منهم تابوت العهد٢ ونقلوه إلى أشدود.


١ انظر ص٢٠٠.
٢ تروي الأساطير أن تابوت العهد صندوق طويل من الخشب صنعه موسى -عليه السلام- "كان يوضع في أقدس مكان من المعبد العبراني بعد بنائه" وكان به لوحان من الحجر منقوشان بالوصايا العشر, وقبل أن يشيد المعبد كان العبرانيون يحملون هذا التابوت معهم في ترحالهم.

<<  <   >  >>