وليس من المعقول أن تكون الهجمات العديدة التي ذكرها هذا النص قد حدثت دفعة واحدة؛ ولكن يبدو أن القصة تتفق مع حقيقة الحال في ذلك الوقت؛ إذ لا بد أن الأقطار المجاورة لمملكة الحيثيين من الشرق كانت تلقى تأييدًا من جانب ميتاني، ويستدل على ذلك من الخطابات التي وجهها الفرعون إلى ملك آرزاواوا التي عثر عليها في محفوظات تل العمارنة.
وتنتهي فترة الضعف هذه باعتلاء سوبيلوليوما على العرش حوالي سنة ١٣٨٠ ق. م. وظروف ارتقائه غامضة رغم أنه كان ابن تود هالياس الثالث وعرف عنه أنه صاحب والده في حملاته؛ ولكنه كافح بضع سنين في أول حكمه حتى دعم سلطانه في وطنه, وأغلب الظن أنه هو الذي شيد الحائط الضخم في جنوب العاصمة حاتوساس وأقام تحصينات أخرى للدفاع عنها, وبعد ذلك تفرغ لتسوية حسابه مع مملكة ميتاني التي يمكن أن تعد مسئولة عن سوء الحالة التي وصلت إليها المملكة في الجيل السابق.
وقد باءت غزوته الأولى التي عبر فيها جبال طوروس إلى سورية بالفشل وتكبد خسائر فادحة, وتمكن ملك ميتاني توشراتا من أن يقدم جزءًا من الغنيمة التي حصل عليها إلى حليفه ملك مصر، وقد استفاد ملك الحيثيين من هذه التجربة فأعد غزوته الثانية بدقة كبيرة, ومن المحتمل أنه استطاع أن يكتشف أن خطوط الدفاع الرئيسية لمملكة ميتاني كانت في شمال سورية؛ ولذلك عبر الفرات عند مالاطيا وهاجم مملكة ميتاني من الخلف بعد أن مهد لذلك بحملة أولية؛ لأن الطريق المؤدي إليها كان شديد الخطورة لوجود القبائل المتوحشة في منطقة الجبال التي تحف به, وقد استطاع أن يخضع هذه القبائل في تلك الحملة الأولية وعقد معاهدة معهم توثقت بزواج أخت الملك من زعيم هذه القبائل، ثم استطاع سوبيلوليوما أن يعبر الفرات وأن ينقضَّ فجأة على عاصمة ميتاني التي كان اسمها