للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنيا خير معين للمؤرخين؛ لأن هؤلاء أفادوا من النقوش التي تركها المصريون في مقابرهم وعلى نصبهم وآثارهم المختلفة حرصًا منهم على تسجيل أعمالهم الجيدة ومظاهر نشاطهم في حياتهم العادية أملًا في أن يقوموا في آخرتهم بنفس الأدوار التي قاموا بها في حياتهم الدنيا؛ فجاءت هذه تراجم لأصحابها، وقد استقى منها المؤرخون معظم معلوماتهم التي ألقت كثيرًا من الضوء على مختلف نواحي الحياة المصرية من حربية واقتصادية واجتماعية ودينية وسياسية, وأوضحت صلات القربى بين بعض الأفراد ممن كانت لهم أهمية تاريخية خاصة, وغير ذلك من المعلومات التي لا غنى عنها لكل مؤرخ. ومن المصادر المهمة التي استقى منها المؤرخون بعض معلوماتهم التاريخية أيضًا ما سجله بعض الموظفين في نقوش على صخور المناطق التي ارتادوها في بعثات للتعدين أو في حملات عسكرية أو جولات تفتيشية وغيرها؛ مما يعد سجلًا حافلًا يفيد منه كل باحث؛ هذا فضلًا عما عثر عليه من وثائق ومحفوظات مختلفة كالبرديات التي دون عليها ما يشير إلى بعض الأحداث التاريخية أو بعض القضايا والمنازعات أو فصول في الأدب والعلوم والفنون المختلفة؛ مما أفاد في التعرف على نواحٍ أخرى من نواحي الحياة المصرية. أضف إلى ذلك ما عثر عليه من محفوظات كتبت بلغات أجنبية مثل الألواح التي عثر عليها في تل العمارنة والتي كتبت بالخط المسماري وكان لها أكبر الفضل في إماطة اللثام عن كثير من الشئون الخارجية والعلاقات الدولية في عهد الدولة الحديثة.

وقد سبق أن أشرنا إلى أن ما كتبه اليونان عن مصر كان يعتمد على ما ذكره الرواة لهؤلاء؛ فجاءت كتاباتهم مليئة بالأخطاء، ومع ذلك فقد أفاد منها الباحثون قدر الإمكان وخاصة فيما يتعلق بالشطر الأخير من تاريخ الفراعنة؛ إذ إنه كان أقرب العهود لهؤلاء الكتاب ولم تكن روايات الرواة قد تناولته بكثير

<<  <   >  >>