ويمكننا أن نشبه -مع الفارق- هذه الكتابة بخطوط اللغة العربية فالهيروغليفية تقابل الخط المثلث، وغيره من خطوط الزخرفة والأعلام والهيراطيقية تقابل خط النسخ والديموطيقية تقابل خط الرقعة.
وحوالي الوقت الذي طغت فيه المسيحية على الديانة المصرية الوثنية في مصر استعملت الحروف الهجائية اليونانية في كتابة اللغة المصرية؛ ولكن نظرًا لأن هذه تميزت بأصوات ليست لها مقابل أو شبيه في اللغة اليونانية -وخاصة الأصوات الحلقية "مثل: الحاء والعين وغيرهما"- فقد أضيفت إلى هذه الهجائية سبعة أحرف من أصل مصرى لاستكمال هذه الكتابة الجديدة التي عرفت خطأ باسم اللغة القبطية, والأحرى أن يطلق عليها الكتابة المسيحية للغة المصرية؛ لأنها وإن استعملت فيها بعض ألفاظ غير مصرية؛ إلا أنها في مجموعها لا تخرج عن كونها اللغة المصرية كتبت في هيئة جديدة.
ومما سبق يتضح لنا أن الكتابة المصرية في نشأتها تشبه نشأة الكتابة في بلاد النهرين ولا يستبعد وجود علاقة فعلية بينهما، وربما يؤيد ذلك اشتراكهما في بعض مدلولات الصور التي تعبر عن كائنات واحدة في كل من الكتابتين؛ إلا أن الفرق شاسع بينهما في مراحل تطورهما؛ فالكتابة في بلاد النهرين -نظرًا لاستخدام قلم مدبب في كتابتها- أخذت تبتعد سريعًا عن أن تبين صورًا يمكن التعرف عليها؛ بينما ظلت الكتابة المصرية في هيئة صور لكائنات معروفة ولم تفقد هذه الخاصية إلا جزئيًا في الخطين الهيراطيقي والديموطيقي؛ ولهذا ظلت رموز كثيرة تستخدم في الدلالة على ما تمثله، أي: أن بعض الرموز ظلت مستعملة للدلالة على معانٍ قائمة بذاتها.
المصادر التي اعتمد عليها المؤرخون:
كانت عقيدة المصري في البعث والتمتع في العالم الآخر بحياة مماثلة للحياة