فقدتك يابنَ أبي طاهرٍ ... وجرعتُ ثكلكَ قبلَ العشاءِ
فلا بردُ شعرك بردُ الشرابِ ... ولا حر شعركَ حر الصلاء
يذبذب قبلك بين الفنونِ ... فلا للطبيخِ ولا للشواء
وقال غيره
وشعرٍ كبعرِ الكبشِ مزق بينهُ ... لسانُ دعي في القريضِ وأخبل
وقال الآخر
ألم تر أن شعري سارَ عني ... وشعرك حولَ بيتكَ لا يسيرُ
وله في ضرطة وهب المنسرح
يا ضرطةً تخلق الزمان وما ... تبرح إحدى الطرائف الجدد
أرسلها صاحب البريد كما ... قوض بعض الهضاب من أحدِ
سارت بلا كلفةٍ ولا تعبٍ ... سير القوافي الأوابدِ الشردِ
كأنما طارت الرياحُ بها ... فألحقتها بكلِّ ذي بعد
لو أن أخبارهُ كضرطته ... إذنْ كفته مؤونة البردِ
وله في ذلك
حيا أبو حسنٍ وهبٌ أبا حسنٍ ... بضرطةٍ طيرت عثنونهُ خصلا
ثم استمرتْ فسارتْ في البلاد له ... كأنما أرسلت من دبره مثلا
وله فيه
يا وهبَ ذا الضرطة لا تبتئس ... فإن للأستاه أنفاسا
واضرط لنا أخرى بلا حشمةٍ ... كأنما خرقت قرطاسا
وله في غيره
ضرطة في قفاك يحسبه السا ... مع ثوباً من الحرير يقط
وقال علي بن جبلة الهزج
حميدٌ مفزع الأم ... ة في الشرق وفي الغرب
كأن الناسَ جسمٌ وه ... ومنهم موضع القلب
وقال البحتري في أبي سعيد وقد حبس
وما هذه الأيام إلا مراحلٌ ... فمن منزلٍ رحبٍ ومن منزلٍ ضنكِ
وقد هذبتك النائباتُ وإنما ... صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك
وقال الخثعمي لمالك بن طوق
فلا يحسب الواشون حبسك مغنماً ... فإن إلى الإصدارِ ما غايةُ الوردِ
وما كنتَ إلا السيفَ جردَ في الوغى ... فأحمد حيناً ثم رد إلى الغمد
وقال إبراهيم بن العباس
وإذا جزى الله امرءاً حسناً ... فجزى أخاً لي ماجداً سمحا
ناديتهُ عن كربةٍ فكأنْ ... ناديتُ عن ليلٍ به صبحا
ونحوه قول ابن المعتز
باتت ركائبنا إليك بنا ... يخبطن أهل النار والنبحِ
فكأن أيديهنَّ دامية ... يفحصنَ ليلتهن عن صبح
وللبحتري يمدح علي بن مر
لا تعتب النائل المبذول همتهُ ... وكيف يتعب عين الناظر النظر
توسط الدهر أحوالاً فلا صغرٌ ... من الخطوبِ التي تعرو ولا كبر
كالرمح أذرعه عشر وواحدةٌ ... فليس يزري به طول ولا قصر
ومصعدةٌ في هضابِ المجدِ يطلعها ... كأنه لسكون الجأش منحدر
ما زال يسبق حتى قال حاسده ... له طريقٌ إلى العلياء مختصرُ
ونحوه قوله
وإذا أبو الفضل استعار سجيةً ... للمكرمات فمن أبي يعقوبِ
شرفْ تتابع كابراً عن كابرٍ ... كالرمحِ أنبوباً على أنبوبِ
وقال ابن الرومي يهجو رجلاً كان مع ابن عبيد الله بن سليمان بقصيدة ذكرنا أبيات التشبيه منها
أرقتُ كأني بت ليلى على الجمرِ ... أراعي كرى بين السماكين والنسر
ولم لا وخنزيرٌ مهينٌ يهينني ... فيقضي على نومي وأغضي على قسر
سأشكو إلى مستنكرِ النكرِ قاسمٍ ... فينظرُ في أمري بناظرتي صقرِ
وجشمت نفسي فيك كل عظيمةٍ ... إلى أن تكلفتُ الشفاعة من عمرو
فكان جوابي أن حجبتُ وهكذا ... يكون جواب المبتغي الغيث من قبرِ
فتى وجهه كالهجر لا وصل بعدهُ ... وإما قفاهُ فهو وصلٌ بلا هجرِ
وعوجَ من عمرو تمكنُ حبلهِ ... كما عوجتْ كف الصبي من السطرِ
ولوىَ عمروٌ ليَّ لبلابِ غيضةٍ ... وطالَ فما يعني بذرعٍ ولا حزرِ
وقد لقبوه نهر بوق تعسفاً ... وفي الوغدِ أشباهٌ من البوقِ والنهرِ
فللقدِ من طولٍ كنهرٍ معوجٍ ... وللأنفِ منه نغمةُ البوقِ في الكفرِ
وقال المتلمس
وهل لي أم غيرها إن تركتها ... أبى الله إلا أن أكونَ لها ابنما
وما كنتُ إلا مثل قاطع كفه ... بكفٍ له أخرى فأصبحَ أجذما
فلما استقاد الكف بالكفِ لم يكنْ ... له درك في أن يبين فأحجما
يداهُ أصابتْ هذه حتف هذه ... فلم تجد الأخرى عليها مقدما