فأطرق إطراقَ الشجاعِ ولو يرى ... مساغاً لنابيهِ الشجاعُ لصمما
وقال سعيد بن حميد في هذا المعنى المنسرح
لم آتِ ذنباً فإنْ زعمتَ بأنْ ... أتيتُ ذنباً فغيرُ معتمدِ
قد تطرفُ العينَ كفُّ صاحبها ... فلا يرى قطعها من الرشدِ
وقال ابن الرومي
شهر الصيام وإن عظمت حرمته ... شهر طويلٌ ثقيل الظل والحركه
يمشي الهوينا وأما حين يطلبنا ... فلا السليك يدانيه ولا السلكه
كأنه طالبٌ وتراً على فرسٍ ... أجد في إثرِ مطلوبٍ على رمكهْ
أذمهُ غيرَ وقتٍ فيه أحمدهُ ... من العشاء إلى أن تسقع الديكهْ
لو كان مولًى وكنا كالعبيد له ... لكان مولَى بخيلاً سيئ الملكهْ
وله أيضاً
رمضان تزعمه الغواةُ مباركاً ... صدقوا وجدك إنه لطويلُ
شهرٌ لعمري لا يقل قليلهُ ... وكذا المباركُ ليسَ فيه قليلُ
تتطاولُ الأيامُ فيه بجهدها ... فكأنَّ عهدَ الأمسِ فيه محيلُ
لو أنه للقاطعينَ مسافةٌ ... لحسبتُ أن الشبرَ منه ميلُ
وقال ابن أبي عيينة يهجو
كآبٍ لصدقِ القولِ لما لقيتهُ ... وأعلمتهُ ما فيه ألقمتهُ الحجرْ
أبوك لنا غيثْ نعيشُ بظلهِ ... وأنتَ جرادٌ لا تبقى ولا تذرْ
وقال ابن الرومي يهجو
أرواح فيك سقاطٌ لا يقامُ له ... والوجهُ منك ذرورٌ فيه إمضاضُ
وما تكلمتَ إلا قلتَ فاحشةً ... كأنَّ فكيكَ للأعراضِ مقراضُ
مهما نطقت فنبلٌ منك مرسلةٌ ... وفوكَ قوسكَ والأعراضُ أغراضُ
ومثله مما يشبه التشبيه من الاستعارة قول ابن هفان
لا تقعدنَّ مسامراً على الطرقِ ... إنْ كنتَ يوماً على عينيك ذا شفقِ
حوافرُ الخيلِ أقواسٌ وأسهمها ... ملس الحجارةِ والأغراضُ في الحدقِ
ولمروان بن أبي حفصة
بنو مطرٍ يومَ اللقاءِ كأنهم ... أسودٌ لها في غيلِ خفانَ أشبلُ
هم يمنعونَ الجارَ حتى كأنما ... لجارهمُ بينَ السماكينِ منزلُ
وأحسن منه قول ابن الرومي في أبي الصقر
تلقاهم ورماحُ الخطِّ حولهمُ ... كالأسدِ ألبسها الآجامَ خفانُ
وقال أبو نواس في الرشيد
إمامٌ يخافُ الله حتى كأنه ... يؤملُ رؤياهُ صباحَ مساءِ
أشمَّ طوالُ الساعدينِ كأنما ... يلاثُ نجادا سيفهِ بلواء
وله في محمد الأمين
سبطُ البنانِ إذا احتبى بنجادهِ ... غمرَ الجماجمَ والسماطُ قيامُ
وقال إبراهيم بن العباس يهجو المتقارب
فكنْ كيف شئت وقلْ ما تشاء ... وأبرقْ يميناً وأرعدْ شمالا
نجا بك لؤمكَ منجى الذبابِ ... حمتهُ مقاذيرهُ أن ينالا
وقال ابن الرومي في سعيد الصغير
يا أيها الرجل المدلس نفسه ... في جملةِ الأدباءِ والكرماءِ
بالبيتِ ينشدُ ربعهُ أو نصفهُ ... والخبزُ يزرأُ عنده والماءِ
تلديسهُ عند الكواعبِ لمةٌ ... مخضوبةٌ بالخضرِ والحناءِ
لا تكذبنَّ فإنَّ لؤمك ناصلٌ ... كنصولِ تلك اللمةِ الشمطاءِ
ولبشر بن أبي خازم
فإنكمُ ومدحكمُ بجيراً ... أبا لجإ كما امتدح الألاءُ
يراهُ الناسُ أخضرَ من بعيدٍ ... وتمنعهُ المرارةُ والإباءُ
ومثله قال ابن الرومي يستبطئ التوزي
ليس من حلَّ بالمحلِّ الذي أن ... تَ به من سماحةٍ ووفاء
بذل الوعدَ للأخلاءِ طوعاً ... وأبى بعد ذاك بذل الغناء
فغدا كالخلافِ يورقُ للعي ... نِ ويأبى الإثمارَ كلَّ الإباءِ
وقال العلوي الكوفي
حبَّ العواذلَ أن الوجدَ أوحشهُ ... من نومهِ فكأن النومَ تسهيدُ
أبقى الهوى منه جسماً كالهواءِ ضنًى ... تنسم الريحُ فيه وهو مفقودُ
كأنّ مدمعهُ تجري أوائلهُ ... كما يفيضُ على أخراهُ مردودُ
أتبعتها نفساً تدمى مسالكهُ ... كأنه من حمى الأحشاء مقدودُ
ونحوه قول الآخر المديد
نفسٍ تدمى مسالكهُ ... وأنينٍ لستُ أملكهُ
والذي أخفيهِ من حرقٍ ... فلسانُ الدمعِ يهتكهُ
وقال علي بن الجهم
أما ترى اليومَ ما أحلى شمائلهُ ... غيمٌ وصحوٌ وإبراقٌ وإرعادُ