للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى بعض الباحثين، أن الفترة التي سبقت ظهور الإسلام -وتقدر بنحو قرنين من الزمان- هي التي يطلق عليها العصر الجاهلي، أما ما سبق ذلك من أحداث، فتسمى "تاريخ العرب قبل الإسلام".

واختلفوا كذلك في معنى "الجاهلية" أهي مأخوذة من الجهل الذي هو ضد العلم، وهو عين ما وصفت به الأزمنة السابقة للنصرانية في الآية الثالثة عشرة من الإصحاح السابع من سفر أعمال الرسل؟ وقد ورد لفظ الجهل بهذا المعنى في أقوال الشعراء الجاهليين، كقول عنترة:

"إن كنت جاهلة بما لم تعلمي"

أم هي مأخوذة من الجهل الذي هو السفه والغضب والأنفة، كما يميل كثير من المؤرخين؟

على أننا إذا دققنا النظر في الآيات الأربع التي ورد فيها لفظ الجاهلية، تبين لنا أن هذا المعنى هو المقصود, وهذي هي الآيات:

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: ٥٠] ، {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: ١٥٤] , {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: ٢٦] ، {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} الأحزاب.

ويطلق لفظ الجاهلية على الحال التي كانت عليها العرب قبل بزوغ فجر الإسلام. يقول الدكتور "فيليب حتى": "تفسر كلمة الجاهلية عادة بعصر الجهل أو البربرية الهمجية Barbarism، ولكنها في الواقع تعني تلك الحقبة التي كانت فيها الجزيرة العربية خالية من أي قانون, أو نبي موحى إليه، أو كتاب منزل"١.

ويرى المستر "فيلبي" أن هذا العصر كان عصر مجادة وازدهار، وحياة تجارية وفكرية عظيمة، وأن العرب قد أجحفوا حين وسموا هذه الحقيقة الزاهية -من تاريخهم- بسمة "العصر الجاهلي"، وفي ذلك يقول:


١ Hitti: History of the Arabs, p. ٨٧.

<<  <   >  >>