للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الرابع: الحياة العقلية عند عرب الحجاز في العصر الجاهلي]

١- الحياة العقلية لأية أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب، يقصد بها مدى ما بلغته هذه الأمة في الميدان الثقافي والعلمي والفكري؛ هذا الميدان الذي يؤثر تأثيرا خطيرا في عقل الأمة وتفكيرها وازدهار النهضة فيها.

ومن العجيب أن يكون أكثر سكان الحجاز في العصر الجاهلي بدوا لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، فضلا عن أن يعرفوا علما أو ثقافة، ومع ذلك فقد كان لهؤلاء البدو لون من ألوان الثقافة الشعبية المستمدة من البيئة والتجارب والاقتباس من قريش؛ حكام مكة، وزعماء الحجاز في العصر الجاهلي.

أما مدن الحجاز وفي مقدمتها: مكة، والمدينة، والطائف، فكان لها طابع آخر، إذ كان الكثير من أهلها مثقفين ثقافة خاصة بتأثير البيئة والاختلاط والرحلات ومواسم الحج وأسواق العرب، فقد كان الحارث بن كلدة وابنه النضر بن الحارث مثقفين بثقافة فارسية واسعة، وكان بنو عبد مناف يرحلون إلى كسرى وقيصر وإلى اليمن في متاجرهم، ويتزودون بقسط من ثقافات هذه الأمم المجاورة لهم.

كما كان عمارة بن الوليد المخزومي وعمرو بن العاص -كلاهما- تاجرين،

<<  <   >  >>