١- تحتل الحماسة مكانا بارزا في الشعر العربي عامة والشعر الجاهلي خاصة, حتى إن أبا تمام حين جمع مختاراته المشهورة وضمنها الأبواب العشرة الآتية: الحماسة، والمراثي، والأدب، والنسيب والهجاء، والأضياف والمديح، والصفات، والسير والنعاس، والملح، ومذمة النساء، أطلق عليها اسم "ديوان الحماسة" باسم أول باب فيها, وهو "الحماسة" الذي يستغرق نحوا من نصف الكتاب تقريبا, وليس ذلك محض مصادفة بل لأهمية الحماسة التي تشير إلى الفضائل التي يفخر بها العرب؛ كالشجاعة في المعركة، والصبر عند المصيبة، وصد القوي، والسعي الكادح لنيل المراد، وعدم الاستسلام أو الخضوع لما يوجب الذلة والامتهان.
وقد قال معاوية بن أبي سفيان: اجعلوا الشعر أكبر همكم وأكثر أدبكم، فلقد رأيتني ليلة الهرير بصفين، وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض, أريد الهرب من شدة البلوى, فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة "وهو شاعر حجازي من شعراء الخزرج الجاهليين":
أبت لي همتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرض صحيح
والشعر الحماسي هو الذي يصور تلك المعاني السالفة من شجاعة، ونجدة, وبأس، وقوة، وصبر عند اللقاء، وإقدام على الموت، وحماية للجار، ومنع