للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحريم، وما إلى ذلك من الصفات التي يعتزّ بها العربي, وقد ذكرنا في فصل الشعر السياسي طائفة من هذا الشعر, إلا أن مكانة الحماسة في الشعر الحجازي تجعلنا نفرد لها هذا الفصل.

وقد عرف الأدب الحجازي الجاهلي طائفة من الشعراء الأشراف, وأخرى من الشعراء الفرسان الذين جمعوا بين الشجاعة والبطولة وبين الموهبة الشعرية الفائقة, وثالثة من الصعاليك الفاتكين؛ فمن السادة: الحصين بن الحمام المري، وأبو قيس بن الأسلت الأوسي، وعمرو بن الإطنابة الخزرجي، ومن الفرسان: قيس بن الخطيم, وأبو محجن الثقفي الذي أدرك الإسلام، ومن الصعاليك: الشنفرى، وتأبط شرا.

٢- وكان للحجازيين في هذا اللون من الشعر باع طويل, حتى إنهم كانوا يرون الموت على الفراش سبة وعارا، أما في ميادين الحرب وتحت ظلال القنا والسيوف فشرف, أي شرف.

قال السموءل بن عادياء:

وإنا لقوم ما نرى القتل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول

يقرب حب الموت آجالا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول

وما مات منا سيد حتف أنفه ... ولا طل منا حيث كان قتيل

تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليست على غير الظبات تسيل١

وأيقن بعض الشعراء الحجازيين أن الإقدام على الردى هو الحياة, والفرار من المعركة هو الموت. قال الحصين بن الحمام المري:

تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما

فلسنا على الأقدام تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما٢


١ الحماسة ١/ ٣٨.
٢ الحماسة ١/ ٩٧.

<<  <   >  >>