١- كان ورقة بن نوفل القرشي حكيما متدينا موحدا، وشاعرا بليغا مجيدا، وسيدا شريفا سريا في قومه، عاش يتلمس دين التوحيد في عصر الوثنية الجاهلية، ويبشِّر بقرب ظهور نبي العرب وخاتم الرسل، ويولي وجهه شطر السماء ينشد الهداية والنور, حتى أدرك بعثة سيد الأنبياء محمد صلوات الله عليه.
وكان العرب قبل البعثة المحمدية في حيرة وضلال، لا يجمعون على دين، ولا يتفقون على عبادة؛ عبد جمهورهم الأوثان والأصنام، وفريق منهم عبدوا الشمس أو القمر أو الكواكب، وآخرون دانوا بالنصرانية أو اليهودية. وجماعة منهم اعترفوا بوجود الله ووحدانيته، وظلوا على فطرة التوحيد الخالص، وعبدوا الله على دين إبراهيم وإسماعيل؛ يعظمون الشعائر، ويؤدون المناسك، ويقدسون البيت الحرام، ويلتزمون الحج والعمرة والطواف والوقوف بعرفة ونحر الذبائح والأضاحي، وسوى ذلك من ألوان العبادات والطاعات، ومنهم: ورقة، وأمية بن أبي الصلت، وزيد بن عمرو بن نفيل, وكعب بن لؤي، وقصي، وعبد مناف، وهاشم، وعبد المطلب.
في هذه الحيرة والضلال، ونحو عام ٥٢١ ميلادية، قبل ميلاد محمد -صلى الله عليه وسلم- بنصف قرن، ولد في مكة ورقة القرشي ابن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، من بيت عرف بالسيادة وكرم المحتد ... وأي مجد ومحتد يبلغان ما بلغته منهما قريش، سادة العرب وسدنة البيت العتيق؟