[القسم الثاني: الحياة الأدبية في الحجاز في العصر الجاهلي، النثر]
[الباب الأول: صورة عامة للنثر الحجازي في العصر الجاهلي]
تمهيد:
كانت العرب أمة صناعتها الكلام, ومفخرتها البيان، وكان أهل الحجاز من بينهم خاصة أهل لسن وفصاحة، يزدهيهم القول، وتأخذ بألبابهم البلاغة، وقد أثر لهم من جوامع الكلم، ونوابغ الحكم، وروائع الأساليب، ما يعد على وجه الزمان من مآثرهم الخالدة، ومناقبهم الباقية. ولا غرو فقد كان الحجازيون من أبلغ العرب لسانا، وأفصحهم بيانا، اجتمع لهم من الخطابة, والفصاحة، والبيان العجيب، والقول المصيب، والكلام الغريب، والمنطق الساحر، ما روته أسفار الأدب، وازدانت به لغة العرب.
والبلاغة العربية الحجازية تتبدى في مظهرين:
١- الشعر الذي يعتمد على الإيقاع والموسيقى والوزن والقافية، وعلى الخيال والعاطفة.
٢- النثر، وهو لون من الكلام لا تحده في الغالب قيود الوزن والقافية, بل هو أساليب سلسة، ينطقون بها عند المشاجرة والخصام، وعندما تقتضي الدواعي المتباينة منهم الكلام، فتفيض بها بديهة حاضرة، وقريحة مواتية، وطبيعة طيعة مستجيبة.