إذن فحياة الحجاز عامة، وحياته الأدبية خاصة، جديرة بالدرس؛ لأثرها القوي في تصفية العناصر الجوهرية للقومية العربية، ثم لأنها تمثل البيئة التي انبعثت منها الدعوة الإسلامية الجديدة.
ولو لم يكن هذان العاملان، لكانت هذه الحياة خليقة بالدرس لذاتها؛ لما حققته من أمجاد تزيد من الثروة الروحية والخلقية للإنسانية عامة.
٤- ويشتمل هذا الكتاب على "تمهيد" في ست عشرة ومائة صفحة، ويحتوي على وصف عام للحجاز وبيئته الطبيعية والبشرية. وقد "بلورنا" فيه حقائق عن الحجاز لم يضمها أي بحث أو كتاب سابق, ويعد هذا التمهيد كتابا مستقلا بذاته. وكان من الممكن نشره على حدة، لولا أننا آثرنا أن يكون مقدمة لدراسة الحياة العقلية والأدبية للحجاز في مختلف العصور؛ هذه الحياة التي اعتزمنا تقديمها للقارئ العربي متتالية بحول الله.
ويلي هذا التمهيد القسم الأول من الكتاب، وهو عن العوامل المؤثرة في الأدب الحجازي: من الحياة السياسية، والاجتماعية، والدينية، والعقلية، وهذا القسم يصلح لأن يكون كذلك كتابا منفردا كاملا عن شتى جوانب الحياة في الحجاز.
ويلي ذلك القسم الثاني من الكتاب، وهو عن الحياة الأدبية في الحجاز في العصر الجاهلي، ويشتمل هذا القسم على دراسات واسعة للنثر الحجازي الجاهلي وأشهر أعلامه، وللشعر الحجازي في العصر الجاهلي وخصائصه وفنونه ومناهجه ومذاهبه وأصوله، ولأعلام الشعراء من الحجاز في العصر الجاهلي، ولسوى ذلك من شتى جوانب الحياة الأدبية القديمة في أرض الحجاز. ولتصوير أهمية هذه الدراسات يكفي أن نقول: إننا قد عرضنا فيها لكثير من أعلام الأدب الحجازي القديم، كانوا في نسي منسي من الباحثين والدارسين.