للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

فلما عصوني كنت منهم، وقد أرى ... غوايتهم أني بهم غير مهتدي

وهل أنا إلا من غزية؟ إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد

دعاني أخي، والخيل بيني وبينه ... فلما دعاني لم يجدني بقعدد١

أخ أرضعتني أمه من لبانها ... بثدي صفاء بيننا لم يجدد

فجئت إليه، والرماح تنوشه ... كوقع الصياصي في النسيج الممدد

وكنت كذات البو ريعت فأقبلت ... إلى قطع من جلد مجلد٢

فطاعنت عنه الخيل حتى تنهنهت ... وحتى علاني حالك اللون أسود

قتال امرئ آسى أخاه بنفسه ... ويعلم أن المرء غير مخلد

تنادوا، فقالوا: أردت الخيل فارسا؟ ... فقلت: أعبد الله ذلكم الردي؟

فإن يك عبد الله خلى مكانه ... فما كان وقافا ولا طائش اليد

ولا برما إما الرياح تناوحت ... برطب العضاه والضريع المعضد٣

وتخرج منه صرة القر جرأة ... وطول السرى دري عضب مهند

كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على الضراء طلاع أنجد٤

قليل تشكيه المصيبات ذاكر ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد


١ غزية: حي من بني جشم. القعدد: الجبان يقعد عن نصرة قومه.
٢ الصياصي: جمع صيصاة، شوكة يسوي بها الحائك نسجه. البوّ: ولد الناقة والبقرة، يحشى جلده تبنا فتجد رائحته فيه, فتدر اللبن له.
٣ البرم: من لا يدخل مع القوم في الميسر ضنا بالجزور، وكانوا يطعمون لحومها الفقراء. تناوحت الريح: لغبت من كل ناحية وذلك زمن الشتاء. العضاه: الشجر الشائك. الضريع: نبات خبيث لا تقربه الدواب.
٤ كميش الإزار: كناية عن الخفة والنجدة. طلاع أنجد: كناية عن اقتحام الصعاب.

<<  <   >  >>