للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المفضل وحماد ... إلخ"، مما يشير إلى أن ديوان الرباب كله -أو جله- عن المفضل وحماد, وهذه الوفرة العددية في دواوين القبائل، ما هي إلا غيض من فيض.

فالسكري لم يصنع من دواوين القبائل العربية إلا جزءا، إذ لم يتح له أن يستوعب القبائل كلها، وأبو عمرو الشيباني ذكر له البغدادي ديوان بني تغلب، وديوان بني محارب، ولم يذكر له ابن النديم شيئا, مع أنه -كما روى ابنه عمرو- جمع أشعار نيف وثمانين قبيلة، كل قبيلة وحدها في ديوان مستقل١. فكان كلما عمل منها قبيلة وأخرجها للناس كتب مصحفا وجعله في مسجد الكوفة، حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا بخطه. هذا فضلا عما صنعه الرواة الثقات الآخرون ممن لم نذكرهم، أمثال: معمر بن المثنى، وخالد بن كلثوم الكلبي، ومحمد بن حبيب.

ومع هذا المجهود الضخم الذي بذله العلماء الثقات في جمع أشعار القبائل، وكثرة الأسماء التي ذكرتها المصادر، فإن ابن قتيبة يقول: "والشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم في الجاهلية والإسلام أكثر من أن يحيط بهم محيط، أو يقف من وراء عددهم واقف، ولو أنفد عمره في التنقير عنهم، واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال، ولا أحسب أحدا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من تلك القبيلة شاعر إلا عرفه، ولا قصيدة إلا رواها"٢ وما أشد أسف الباحث، إذا ما علم أن هذا الكنز الثمين من دواوين القبائل العربية، لم تبق لنا منه أيدي الضياع إلا ديوانا واحدا هو: "ديوان هذيل" الذي سنتحدث عنه عما قليل.

والذي يهمنا في هذا البحث هو دواوين القبائل الحجازية التي استطعنا تجريدها مما ذكره الآمدي وابن النديم؛ فقد ذكر الآمدي ثمانية عشر ديوانا حجازيا، كما ذكر ابن النديم تسعة دواوين حجازية انفرد بديوان واحد منها هو: "أشعار بني مخزوم" واشترك مع الآمدي في ثمانية منها، وهي: أشعار أشجع، وأشعار بجيلة، وأشعار بني عدوان، وأشعار بني فزارة، وأشعار فهم، وأشعار كنانة, وأشعار مزينة، وأشعار هذيل, كما انفرد الآمدي بذكر عشرة دواوين.


١ الفهرست ١٠١.
٢ الشعر والشعراء ١/ ٤.

<<  <   >  >>