للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعراء الجاهليين، بل شعراء العربية قاطبة؛ وذلك لأنهم -فضلا عما تقدم- لم تكن حياتهم محدودة راكدة ليس فيها إلا حوادث البادية المألوفة كما كان حال غيرهم من الشعراء، بل شهدوا حوادث لها أثر في تاريخ الأمة العربية، وذات أثر فعال في مقومات شخصيتها، واتصلوا بأشخاص لهم وزنهم في التاريخ، وبذلك كان شعرهم موضع اهتمام منذ قيل، ووجد فيه علماء اللغة وطلاب الأدب والمعاني جل طلباتهم، فعكفوا على درس شعرهم منذ جمع قبيل منتصف القرن الثاني للهجرة، في كل صقع حل به العرب، وشرح شعرهم عشرات من العلماء، وليس بصحيح ما قيل من أن الاهتمام بشعرهم كان وقفا على أهل المغرب، وربما نجم هذا الظن من كثرة المخطوطات التي عثر عليها بخط مغربي، فإن ثمة نسخا أخرى وجدت بالخط النسخي، كما أن المشارقة عنوا جد العناية بشرح شعرهم١، وقد نشر هذه المجموعة وليم بن الورد البروسي W. Ahlwardt سنة ١٨٧٠م بلندن، وكتب لها مقدمة قيمة بعد أن راجع عدة مخطوطات، وقد جاء في مقدمته: "إن هذه المجموعة رواها أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى، المعروف بالأعلم الشنتمري النحوي اللغوي ٤١٠-٤٧٠هـ، وله عليها شرح كامل وقد قال في مقدمتها: إنه اعتمد القصائد التي رواها الأصمعي وعدها صحيحة، وأضاف إلى كل شاعر ما رآه بعض الرواة الثقات غير الأصمعي صحيحا، وقد كان الأصمعي يعرف هذه القصائد كذلك، بيد أنه شك فيها أو رآها منحولة.

ويظهر أن الأصمعي كان له شرح على هذه المجموعة, يدل على ذلك أن الأعلم الشنتمري كثيرا ما يرجع إلى تفسير الأصمعي فيقول: "الأصمعي يفسر هذه الكلمة بكذا"، و"الأصمعي لا يعترف بهذا البيت"، وغير ذلك من التعليقات التي اعتمد فيها على الأصمعي.


١ من مقدمة وليم بن الورد البروسي على هذه المجموعة، ترجمها نيكلسون إلى الإنجليزية عن الألمانية.

<<  <   >  >>