للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك أن الحق إذا جحد وعورض بالشبهات أقام الله -تعالى- له مما يحق به الحق ويبطل به الباطل من الآيات البينات بما يظهره من أدلة الحق وبراهينه الواضحة، وفساد ما عارضه من الحجج الداحضة.

فالدين الحق كلما نظر فيه الناظر، وناظر عنه المناظر، ظهرت له البراهين، وقوي به اليقين، وازداد به إيمان المؤمنين، وأشرق نوره في صدور العالمين.

والدين الباطل إذا جادل عنه المجادل، ورام أن يقوم عوده المائل، أقام الله تبارك وتعالى من يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وتبين أن صاحبه الأحمق كاذب مائق" (١).

[ثانياً: كشف شبهات المبطلين واستبانة سبيل المجرمين]

قال تعالى: {(٥٤) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: ٥٥]، وذلك أن "من استبان له سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين على التفصيل علماً وعملاً فهو أعلم الخلق" (٢).

يقول الإمام الدارمي -رحمه الله-: "ولولا ما بدأكم هذا المعارض بإذاعة ضلالات المريسي وبثها فيكم ما اشتغلنا بذكر كلامه، مخافة أن يعلق بعض كلامه بقلوب بعض الجهال، فيلقيهم في شك من خالقهم.

فخشينا ألا يسعنا إلا الإنكار على من بثها -يعني الشبهات- ودعا الناس إليها منافحة عن الله وتثبيتاً لصفاته العلى ولأسمائه الحسنى ودعاء إلى الطريقة المثلى ومحاماة عن ضعفاء الناس وأهل الغفلة من النساء والصبيان أن يضلوا بها ويفتتنوا إذ بثها فيهم" (٣).

ويُروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال: " إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام ممن لا يعرف الجاهلية" (٤).


(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لشيخ الإسلام ابن تيمية: ١/ ٦٠ - ٦٤.
(٢) الفوائد لابن القيم: ٢٥٩.
(٣) نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل في التوحيد، للإمام الدارمي: ١/ ١٤٢ - ١٤٥.
(٤) المستدرك على الصحيحين، لأبي عبدالله الحاكم: ٤/ ٤٢٨ بنحوه وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>