نظراً لأهمية معرفة الخصائص والسمات التي يقوم عليها منهج السلف، وذلك للاسترشاد بها في فهم هذا المنهج فهماً صحيحاً، للسير على نهجه وتطبيقه، وللتعرف على أصحابه للتمييز بينهم وبين أصحاب سائر الاتجاهات الأخرى التي تدعَّى الانتساب إلى السلف الصالح، وحتى لا ينسب للسلف ومنهجهم ما ليس منه مما يصدر عن بعض ممن ينتسب لهم إما باجتهاد منه أو خطأ أو زلة أو غير ذلك. وسأذكر أهم تلك الخصائص والسمات، وسيكون ذلك في ثلاثة مباحث:
[المبحث الأول: خصائص وسمات منهج السلف في الدفاع عن العقيدة]
يمتاز منهج السلف في الدفاع عن العقيدة بخصائص وسمات كثيرة منها:
[أولاً: الاستدلال بالكتاب والسنة]
وهذا من أهم الخصائص التي يقوم عليها منهج السلف ولذا تجدهم يجمعون على الاستدلال بالكتاب والسنة في كافة أمورهم وفي جميع مسائل وقضايا الاعتقاد والتشريع والسلوك، وذلك باعتبارهما وحياً من الله -عز وجل- لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
فهم يستدلون بالكتاب والسنة لإيمانهم الجازم ويقينهم القاطع بأن كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وأن ما خالفه وعارضه باطل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " وأما خبر الله ورسوله فهو صدق موافق لما الأمر عليه في نفسه، لا يجوز أن يكون شيء من أخباره باطلاً ولا مخالفاً لما هو الأمر عليه في نفسه، ويعلم من حيث الجملة أن كل ما عرض شيئاً من أخباره وناقضه فإنه باطل"(١).
وكذلك لإيمانهم بكمال هذا الدين وبأن أصوله وفروعه ودلائله ومسائله قد جاء بيانها في الكتاب والسنة بياناً شافياً قاطعاً للعذر، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} [النحل: ٨٩].