للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال؛ ولكنه نور يُقذف في القلب، يفهم به العبد الحق، ويميز به بينه وبين الباطل، ويُعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد ... وأما كثرة القول وتشقيق الكلام فإنه مذموم" (١).

[سابعاً: توثيق الكلام المردود عليه من كتبهم والتثبت من ذلك]

فمن منهج السلف توثيق كلام المردود عليهم من كتبهم، والرجوع إلى مصادرها، لا من الكتب التي ترد عليهم، أو تحكي عنهم، أو فيما يقال عنهم فهذه مصادر ثانوية، والتثبت من نسبته إليهم (٢).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رده على النصارى: " وأنا أذكر ما ذكروه بألفاظهم بأعيانها فصلا فصلاً، واتبع كلّ فصل بما يناسبه من الجواب فرعاً وأصلاً، وعقداً وحلاً" (٣).

أما التثبت فقد أمر الشرع به، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)} [الحجرات: ٦].

والمراد بالتبين: التعرف والتبصر والأناة وعدم العجلة حتى يتضح الأمر ويظهر، وهذا يحصل في النقل والمنقول، فلا بد من التحقق من صدق الناقل وسلامته، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بئس مطية الرجل زعموا" (٤).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: " من أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسم القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب" (٥).


(١) فضل علم السلف على الخلف: ٣٤ - ٣٨، وانظر: الرد على المخالف: ٦٧ - ٧٠.
(٢) الرد على المخالف: ٥٩، ولمعرفة صور دقتهم في ذلك انظر: علم الملل ومناهج العلماء فيه: ٢٢٩ - ٢٣٣.
(٣) الجواب الصحيح: ١/ ٦٨.
(٤) سنن أبي داود: كتاب الأدب، باب: في قول الرجل زعموا، رقم (٤٩٧٢)، مسند الإمام أحمد: ٤/ ١١٩.
(٥) منهاج السنة النبوية: ٢/ ٤٠٣.

<<  <   >  >>