للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: " وما تنازع فيه المتأخرون، نفياً وإثباتاً، فليس على أحد، بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظ أو نفيه، حتى يعرف مراده، فإن أراد حقاً قبل، وإن أراد باطلاً رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقاً، ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى" (١).

[٥ - مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم]

ويستثنى مما سبق مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم عند الحاجة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم، فإن هذا جائز حسن للحاجة .. " (٢)، لاسيما "إذا كان المناظر معارضاً للشرع بما يذكره، أو ممن لا يمكن أن يرد إلى الشريعة، مثل من لا يلتزم الإسلام ويدعو الناس إلى ما يزعمه من العقليات، أو ممن يدعي أن الشرع خاطب الجمهور، وأن المعقول الصريح يدل على باطن يخالف الشرع، ونحو ذلك، أو كان الرجل ممن عرضت له شبهة من كلام هؤلاء، فهؤلاء لابد في مخاطبتهم من كلام على المعاني التي يدعونها: إما بألفاظهم، وإما بألفاظ يوافقون على أنها تقوم مقام ألفاظهم ... " (٣).

[سادساً: وضوح الأسلوب وحسن الصياغة]

يمتاز المنهج العلمي للسلف في الدفاع عن العقيدة بالوضوح والبيان، وخلوه من التعارض والتناقض والغموض والفلسفة والتعقيد في ألفاظه ومعانيه لأنه مستمد من كلام الله المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.

قال ابن رجب -رحمه الله-: " ومع هذا ففي كلام السلف والأئمة كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق التنبيه على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر، يُفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب.

وفي كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب، في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه.


(١) التدمرية: ٦٥ - ٦٦.
(٢) درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٤٣.
(٣) المرجع السابق: ١/ ٢٢١، وانظر: علم الملل ومناهج العلماء فيه: ٢٤٧ - ٢٥١.

<<  <   >  >>