للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: ٧]، كما إنهم يعتقدون أن دلالة النصوص القرآنية والنبوية نص في معناها والمراد منها فإذا أتى البيان من الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطلب من غيرهما " (١).

[ثانياً: تقديم النقل على العقل، وعدم معارضة النصوص بالأقيسة العقلية وغيرها]

من منهج السلف -رحمهم الله- تقديم النقل على العقل، فالأساس الأول عند السلف هو الشرع، فهو الأسلم والأعلم والأحكم، لأنه لا يأتيه الباطل، ولا يتطرق إليه الشك والضلال، ولا يعتريه التنافر والتناقض، فعليه المعتمد في الدين كله، ويأتي العقل تبعاً له في ذلك.

يقول الشاطبي - رحمه الله-: " الواجب تقديم ما حقه التقديم وهو الشرع، وتأخير ما حقه التأخير وهو نظر العقل، فلا يصح تقديم الناقص المفتقر حاكماً على الكامل المستغني، فهذا خلاف المعقول والمنقول" (٢).

ويقول أيضاً: " لا ينبغي للعقل أن يتقدم بين يدي الشرع، فإنه من التقدم بين يدي الله ورسوله، بل يكون ملبياً من وراء وراء، فهذا هو المذهب للصحابة رضي الله عنهم، وعليه دأبوا، وإياه اتخذوا طريقاً إلى الجنة فوصلوا" (٣).

وهم مع تقديمهم للنقل على العقل لا يعارضونه برأي ولا ذوق ولا وجد ولا عقل ولا قياس، ولا يقدمون كلام أحد كائناً من كان على كلام الله وكلام رسوله، عملاً بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} [الحجرات: ١].

وقد نص السلف على هذه القاعدة وأكدوها وحثوا عليها، ومن ذلك أنه روي عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أنه قال: " لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٤).


(١) عقيدة السلف وأصحاب الحديث، أو الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة لإسماعيل الصابوني: ٣٥.
(٢) الاعتصام: ٣/ ٢٢٨.
(٣) المرجع السابق: ٣/ ٢٣٥ - ٢٣٦.
(٤) الإبانة عن شريعة الفرق الناجية: ٢٦٢ - ٢٦٣، والشريعة للآجري: ١/ ٤٢٣.

<<  <   >  >>