للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي عن الإمام مالك -رحمه الله - أنه قال: " والتسليم للسنن، لا تُعارض برأي ولا تدافع بقياس" (١).

ويقول الإمام الشافعي - رحمه الله-: " يسقط كل شيء خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقوم معه رأي ولا قياس، فإن الله عز وجل قطع العذر بقوله صلى الله عليه وسلم" (٢).

ويؤكد ابن أبي العز الحنفي - رحمه الله- هذه القاعدة فيقول: " وطريق أهل السنة أن لا يعدلوا عن النص الصحيح ولا يعارضوه بمعقول ولا قول فلان" (٣).

وتعارض النص الصريح من الكتاب والسنة مع العقل الصحيح السليم غير متصور أصلاً، بل هو مستحيل، فإذا جاء ما يوهم ذلك فإن الوحي مقدم ومحكم، لأنه صادر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم والعقل لا عصمة له بل هو نظر البشر الناقص (٤)، وهو معرض للوهم والخطأ والنسيان والهوى والجهل والعجز، فهو قطعاً ناقص (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط، وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه، فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يُعلم بالعقل بطلانها، بل يُعلم بالعقل نقيضها الموافق للشرع.

ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط، بل السمع الذي يقال إنه يخالفه: إما حديث موضوع، أو دلالة ضعيفة، فلا يصلح أن يكون دليلاً لو تجرد عن معارضة العقل الصريح، فكيف إذا خالفه صريح المعقول؟ " (٦).

ويقول أيضاً: " إن النصوص الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعارضها قط صريح معقول، فضلاً عن أن يكون مقدماً عليها، وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات مبناها على معان متشابهة وألفاظ مجملة، فمتى وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية لا براهين عقلية" (٧).


(١) الجامع في السنن والآداب والمغازي: ١٤٨.
(٢) الأم، لمحمد بن إدريس الشافعي: ٢/ ١٩٢.
(٣) شرح الطحاوية في العقيدة السلفية: ٣٤١.
(٤) انظر: درء تعارض العقل مع النقل: ١/ ٨٨ - ٢٨٠.
(٥) بحوث في عقيدة أهل السنة والجماعة، وموقف الأشاعرة والحركات الإسلامية المعاصرة منها، د. ناصر العقل: ٣٢.
(٦) درء تعارض العقل مع النقل: ١/ ١٤٧.
(٧) المرجع السابق: ١/ ١٥٥ - ١٥٦.

<<  <   >  >>